للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكره ابن السّمعانيّ فقال: كَانَ غزير الفضل، وافر العقل، لَهُ سُكُون، ووقار، ورزانة، وثبات. ولي قضاء القُضاة بالعراق في سنة ثلاث عشرة وخمسمائة. وقرأتُ عَلَيْهِ جزأين.

قَالَ أبو شجاع محمد بْن عليّ بْن الدّهّان: يُحكى أنّ الزَّيْنبيّ منذ ولي القضاء ما رآه أحد إلّا بطرحة [١] وخفاف حتّى زوجته. ولقد دخلت عليه في مرض موته وهو نائم بالطّرحة.

قلت: هذا تكلّف وبأو زائد.

وقال أبو الفرج بن الجوزيّ [٢] : كان رئيسا، ما رأينا وزيرا ولا صاحب منْصبٍ أوقر منه، ولا أحسنَ هيبة وسَمْتًا [٣] . قلّ أنْ سُمِع منه كلمة. وطالت ولايتُه، فأحكم [٤] الزّمان، وخدم الرّاشد، وناب في الوزارة. ثمّ استوحش من الخليفة، فخرج إلى الموصل، فأسِر هناك. ووصل الراشد إلى الموصل وقد بلغه ما جرى ببغداد من خلْعه فقال لَهُ: اكتب خطَّك بإبطال ما جرى، وصحَّة إمامتي. فامتنع، فتواعده زنكي، وناله بشيء من العذاب، وأذن في قتْله، ثمّ دفع اللَّه عَنْهُ. ثمّ بُعِث من الدّيوان لاستخلاصه، فجيء بِهِ، فبايع المقتفي، وناب في الوزارة لمّا التجأ [٥] ابن عمّه الوزير عليّ بْن طِراد إلى دار السّلطان. ثمّ إنّ المقتفي أعرض عَنْهُ بالكُلّيَّة.

قَالَ ابن الْجَوْزيّ [٦] : وقال لي: النّقيب الطّاهر، جاء إليَّ فقال: يا ابن عمّ، انظر ما يصْنَع معي، فإنّ الخليفة مُعْرِضٌ عنّي. فكتبت إلى المقتفي، فأعاد الجواب بأنّه فعل كذا وكذا، فعذرتُه، وجعلت الذّنْب لابن عمّي.

ثمّ جعل [٧] ابن المرخّم مناظِرًا لَهُ، ومناقضا ما يبني، والتّوقيعات تصدر


[١] الطرحة: نوع من الأكسية، تشبه الطيلسان، كان المدرّسون يضعونها فوق العمامة. (دوزي- معجم مفصّل في أسماء الألبسة عند العرب- ٢٥٤- وما بعدها) .
[٢] في المنتظم.
[٣] زاد في المنتظم: «وصمتا» .
[٤] في المنتظم: «فأحكمه» .
[٥] في الأصل: «التجى» .
[٦] في المنتظم.
[٧] في الأصل: «ثم حصل» .