سَأَلت خالي أبا عُمَر عَن الشّيخ أَبِي الحسين، وقلت لَهُ: هل رأيته يأكل شيئا؟ قَالَ: رأيته يأكل خَرُّوبًا، يمصّه ثمّ يرمي بِهِ. ورأيته يأكل بَقْلًا مسلوقا.
قَالَ: ونقلت من خطّ الإمام أَبِي سعد السّمعانيّ قَالَ: سَمِعْتُ سِنَان بْن مُشيّع الرَّقّيّ يَقُولُ: رَأَيْت أبا الحسين المقدسيّ برأس العين، في موضعٍ قاعدا عُريانًا، وقد اتّزر بقميصه، ومعه حمار، والنّاس قد تكابّوا عَلَيْهِ، فجئت وطالعته، فأبصرني وقال: تعال: فتقدَّمتُ، فأخذ بيدي وقال: نَتَوَاخَى؟ قلت:
ما لي طاقة.
فقال: أيْش لك في هذا. وآخاني.
وقال لواحدٍ من الجماعة: حماري يحتاج إلى رَسَن، بِكَمْ رسَنَ؟
قَالُوا: بأربعة فلوس.
فقال لواحدٍ، وأشار بيده إلى موضع في الحائط: فإنّي جزت هاهنا وقتا، وخبّأت ثمّ أربع فلوس، اشتروا لي بها حَبْلًا. فأخذ الرجل الأربع فلوس من الحائط.
ثمّ قَالَ: أريد أن تشتري لي بدينار سمك.
قلت لَهُ: كرامة، ومن أين لك ذهب؟
قَالَ: بلى. معي ذهب كثير.
قلت: الذّهب يكون أحمر.
قال: أحمر. قال: أَبْصِر تحت الحشيش، فإنّي أظنّ أنّ لي فيه دينارا.
وكان ثمَّ حشيش، فنحّيت الحشيشَ، فخرج دينار وازن، فاشتريت لَهُ بِهِ سَمَكًا [١] . فنظّفه بيده، وشواه، ثمّ قلاه، ثمّ أخرج منه الجلْد والعَظْم، وجعله أقراصا، وجفّفه، وتركه في الْجُراب، ومضى.
وكان قُوتُه مِن ذا. وله كذا وكذا سنة ما أكل الخبز.
وكان يسكن جبال الشّام، ويأكل البلُّوط والخرنوب.
قَالَ: وقرأت بخطّ أَبِي الحَجّاج يوسف بْن محمد بن مقلّد الدّمشقيّ أنّه
[١] في الأصل: «سمك» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute