للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ التقوا يوم الأربعاء سابع صفر، ثُمَّ يوم الخميس والجمعة وليلة السَّبْت، ثُمَّ رفع أَهْل الشام لمّا رأوا الكَسْرَة الْمَصَاحِفَ بإشارة عمرو، ودعوا إِلَى الصُّلح والتّحكيم [١] ، فأجاب عليّ إلى تحكيم الحَكَمين، فاختلف عليه حينئذ جيشه وقالت طائفة: لَا حُكم إلّا للَّه. وخرجوا عليه فهُمُ (الخوارج) وقال ثُوَيْر بْن أبي فاختة، عن أَبِيهِ قَالَ: قُتِلَ مع عليّ بصفين خمسة وعشرون بدْريًا. ثُوَيْر متروك.

قَالَ الشَّعْبِيّ: كان عَبْد الله بْن بُدَيْل يوم صفين عليه دِرْعان ومعه سيفان، فكان يضرب أهلَ الشام ويقول:

لم يبق إلّا الصَّبْر وَالتَّوَكُّلْ ... ثُمَّ [٢] التمشّي فِي الرعيل الأوّلْ

مَشْيَ الْجِمَالِ فِي حياض الْمَنْهَلْ ... والله يقضي مَا يشا ويفعلْ [٣]

فلم يَزَلْ يضرب بسيفه حَتَّى انتهى إِلَى مُعَاوِيَة فأزاله عن موقفه، وأقبل أصحابُ مُعَاوِيَة يرمونه بالحجارة حَتَّى أثخنوه وقُتِلَ، فَأَقْبَلَ إليه مُعَاوِيَة، وألقى عَبْد الله بْن عامر عليه، عمامته غطّاه بها وترحَّم عليه، فقال مُعَاوِيَة لعبد الله [٤] : قد وَهَبْنَاه لك، هَذَا كَبْشُ [٥] القومِ وربّ الكعبة، اللَّهمّ أظفر


[١] تاريخ خليفة ١٩٤.
[٢] في نهاية الأرب ٢٠/ ١٢٣ «مع» بدل «ثم» .
[٣] البيتان في الاستيعاب ٢/ ٢٦٨، ٢٦٩، وقعة صفين لابن مزاحم ٢٧٦، نهاية الأرب للنويري ٢٠/ ١٢٣، الإصابة ٢/ ٢٨١.
وورد هذا الرجز عند ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١/ ٤٨٦ هكذا:
لم يبق غير الصبر والتوكّل ... والترس والرمح وسيف مصقل
ثُمَّ التمشّي فِي الرعيل الأوّلْ ... مَشْيَ الْجِمَالِ في حياض المنهل
والقافية هنا بكسر اللام.
[٤] في نسخة دار الكتب «لعنة الله» بدل «عبد الله» والتصحيح من بقية النسخ، ونهاية الأرب ٢٠/ ١٣٠.
[٥] بمعنى قائدهم ورئيسهم وحاميهم والمنظور إليه فيهم.