للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسمع ببغداد [١] : أَبَا سَعْد بْن الطُّيُوريّ، وابن الْحُسَيْن.

قال أبو الفَرَج بْن الْجَوْزِيّ [٢] : كان مليح الإيراد، لطيف الحركات، بَنَت له زَوْجَة المستظهر باللَّه رباطا بباب الأزَج [٣] أوقفت عليه الوقوف، وصار له جاهٌ عظيم لمَيْل الأعاجم إليه.

وكان السّلطان يأتيه يزوره والأمراء والأكابر. وكَثُرَت عنده المحتشمون والقُرّاء، واستعبد كثيرا من العلماء والفقراء بنواله وعطائه. وكان محفوظُه قليلا [٤] .

وسمعته يقول: حزمة حزن خيرٌ من أعدال أعمال.

وقال ابن السَّمْعانيّ: سمعته يقول: رُبَّ طالبٍ غير واجد، وواجد غير طَالِب.

وقال: نشاط القائل على قدْر فَهْمِ المستمع.

وقال ابن الْجَوْزِيّ: كان يميل إلى التّشيُّع ويدلّ بمحبَّة الأعاجم له، ولا يعظّم بيتَ الخلافة كَمَا ينبغي، فسمعته يقول: تتولّانا وتغفل عنّا، فما تصنع بالسّيف إذا لم تكن قتّالا، فغيّر حلية السيف وضعها لك خلخالا. ثُمَّ قال:

تُوَلّي اليهودَ فيسُبُّون نبيَّك يوم السّبت، ويجلسون عن يمينك يوم الأحد. ثُمَّ صاح: اللَّهمّ هَلْ بلّغت.

قال: فبقيَتْ هذه الأشياء فِي النُّفوس حَتَّى مُنِع من الوعظ. ثُمَّ قدِم السّلطان مَسْعُود، فجلس بجامع السّلطان، فحدّثني فقيه أنّه لمّا جلس قال لمّا


[١] وكان قدم إليها سنة ٥١٦.
[٢] في المنتظم.
[٣] بالتحريك. محلّة معروفة ببغداد.
[٤] في المنتظم زيادة: فكان يردّد ما يحفظه.
قال ابن الجوزي: وحدّثني جماعة من الفقراء أنه كان يعيّن لهم ما يقرءون بين يديه ويتحفّظ الكلام عليه.
سمعته يوما يقول في مجلس وعظه: الحكمة في المعراج لرَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رأى ما في الجنة والنار ليكون يوم القيامة على سكون لا انزعاج فيه فلا يزعجه ما يرى لتقدّم الرؤية، ولهذا المعنى قلبت العصا حيّة يوم التكليم لئلا ينزعج موسى عند إلقائها بين يدي فرعون.