للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حضر السّلطان: يا سُلطان العالم، مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه أمرني أن أجلس، ومحمد أبو عَبْد اللَّه منعني أن أجلس، يعني المقتفي.

وكان إذا نبغ واعظٌ سعى فِي قطْع مجلسه. وكان يلقّب بالبرهان. فَلَمّا مات السّلطان أُهين الغَزْنَويّ، وكان معه قريةٌ فأُخِذَت منه، وطولب بمُغَلِّها عند القاضي. وحُبِس ثُمَّ أُطلق، ومنع من الوعظ.

وتشفّع في أمر القرية، فقال المقتفي: ألا ترضى أن نحقن دمه [١] ؟

ما زال الغَزْنَويّ يلقى الذُّلّ بعد العزّ الوافر [٢] .

وتُوُفيّ فِي المُحَرَّم.

وهو والد المُسْنِد أبي الفتح أَحْمَد بْن عليّ الغَزْنَويّ، راوي التّرمذيّ [٣] .


[١] وقال ابن الجوزي: وحدثني عبد الله بن نصر البيع قال: أخذت من الغزنوي القرية التي كانت وقفت عليه، فاستدعاني وسألني أن أقول لابن طلحة صاحب المخزن أن يسأل فيه وقال:
هذه القرية اشترتها خاتون من الخليفة والّذي وقع عليه الشهادة صاحب المخزن فهو أعرف الخلق بالحال. قال: فجئت فأخبرته، فقال: أنا رجل منقطع عن الأشغال، وكان قد تزهد وترك العمل فعدت إليه فأخبرته فقال: لا بدّ من إنعامه في هذا، فكتب صاحب المخزن إلى المقتفي: هذا رجل قد أوى إلى بلدكم، وهو منسوب إلى العلم، فقال المقتفي: أو لا يرضى أن يحقن دمه؟
[٢] وقال أبو بكر بن الحصري: سمعته يقول: من الناس من الموت أحبّ إليه من الحياة، وعنى نفسه، وكان لا يحتمل الذلّ، فمرض، فحكى الطبيب الداخل عليه أنه قد ألقى كبده، وكان مرضه في المحرّم هذه السنة، فبلغني أنه كان يعرق في مرضه ويفيق ويقول: رضا وتسليم.
وقال ابن الأثير: وكان له قبول عظيم عند السلاطين والعامّة والخلفاء، إلّا أنّ المقتفي أعرض عنه بعد موت السلطان مسعود لإقبال السلطان عليه. (الكامل)
[٣] ومن شعره:
كم حسرة لي في الحشا ... من ولد إذا نشا
وكم أردت رشده ... فما نشا كما أشا
وله:
يحسدني قومي على صنعتي ... لأنني في صنعتي فارس
سهرت في ليلي واستنعسوا ... هل يستوي الساهر والناعس؟