للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالوا: تؤاخذ، سيّدنا، الصُّلحاء بالمفسدين؟ فقال: يخرج كلّ طائفة منكم من فيها من المفسدين.

فصار الرجل يُخْرج ولَده، وأخاه، وابنَ عمّه، إلى أن اجتمع نحو مائة نفْسٍ، فأمر أهلهم أن يتولَّوْا قتْلهم، ففعلوا.

فخرجتُ من المغرب إلى صَقَلِّيةَ خوفا على نفسي من أهل المقتولين.

قال عَبْد الواحد: قلت: كان عَبْد المؤمن من أفراد العالم فِي زمانه على هَنَاته.

قال عَبْد المؤمن بْن عُمَر الكحّال فِي أخبار ابن تُومَرت: توجّه أمير المؤمنين عَبْد المؤمن إلى بلاد إفريقية، فسار فِي مائة ألف فارس مُحصاةٍ فِي ديوانه، سوى من يتْبعها، وكانوا يصلّون كلُّهم خلْفَ إمامٍ واحد.

قال: وكان هُوَ يصلّي الُّصبْح مُبْكِرًا، ثُمَّ يركب، ويقف عند باب خيثمة، وبين يديه منادي يقول بصوتٍ عالٍ: الاستعانة باللَّه، والتوكّل عليه.

فينتظم حوله الكُبَراء على خَيْلهم، ويدعوا، ويؤمّنون. ثُمَّ يأخذ فِي قراءة حزب من القرآن، وهم يقرءون معه بصوتٍ واحدٍ.... [١] .

فإذا فرغ أمسك عنان فَرَسه، فيدعوا ويؤمّنون، ثُمَّ يلحق أولئك الأعيان، ويُلقَّبون بالطَّلَبَة والحُفّاظ، لا بالأمراء والقُوّاد، إلى عساكرهم، ويبقى وحده، وحوله أُلُوفٌ من عبيده السُّود، رَجّالةً بالرّماح والدُّرَق.

وكان إذا مرّ على قومٍ سلَّم ودعا لهم، فيؤمِّنون. وكان فصيحا بالعربيَّة، حَسَن العبارة.

قال: وكان فِي جُوده بالمال كالسِّيل، وفي محبّته لحُسْن الثّناء كالعاشق. مجلسه مجلسَ وقار وهيبة، مع طلاقة الوجه. انعمرت البلاد فِي أيّامه، وما لبس قَطّ إلّا الصُّوف طُول عُمره. وما كان فِي مجلسه حصر، بل


[١] بياض في الأصل.