للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مفروشٌ بالحَصْباء، وله سجّادة من الخُوص تحته خاصَّة.

وأمّا الأندلس فاختلّت أحوالها اختلالا بيّنا، أوجب تخاذل المرابطين وَميلهم إلى الراحة، فهانوا على النّاس، واجترأ عليهم الفرنج، وقام بكلّ مدينة بالأندلس رئيسٌ منهم، فاستبدّ بالأمر، وأخرج مَن عنده مِن المرابطين.

وكادت الأندلس تعود إلى مثل سيرتها بعد الأربعمائة عند زوال دولة بني أميَّة.

وأمّا بلاد مَرَاغَة فاستولى عليها صاحب أرغن، لعنه اللَّه، ثُمَّ أخذ سَرَقُسْطَة ونواحيها، فلا قوَّة إلّا باللَّه.

وأمّا أهل شرق الأندلس بَلَنْسية ومُرْسِية، فاتّفقوا على تقديم الزَّاهد عَبْد الرَّحْمَن بْن عِياض. بَلَغَني عن غير واحدٍ أنّه كان مُجاب الدّعوة، بكَّاءً، رقيقا، فإذا ركب للحرب لا يقوم له أحدٌ. كان الفرنج يعدّونه بمائة فارس، فحمى اللَّه بابن عِياض تلك النّاحية مدَّة إلى أن تُوُفّي، رحمه اللَّه، ولا أتحقّق تاريخ وفاته، فقام بعده خادمُه مُحَمَّد بْن سَعْد وهو خليفته على النّاس، فاستمرَّت أيّامه إلى أن مات سنة ثمانٍ وستّين وخمسمائة.

وأمّا أهل المَرِيَّة فأخرجوا عَنْهُمْ أيضا المرابطين، وندبوا للأمر عليهم الأمير أَبَا عَبْد اللَّه بْن ميمون الدّانيّ، فأبى عليهم وقال: إنّما وظيفتي البحر وبه عُرفت. فقدَّموا عليهم عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن الزّيميّ، فلم يزل على المَرِيَّة إلى أن دخلها الفرنج واستباحوها.

وأمّا جَيّان، وحصن شَقُّورَة، وتلك النّاحية فاستولى عليها عَبْد اللَّه بْن همشك، وربّما تملّك قُرْطُبة أيّاما يسيرة.

وأمّا إشبيلية، وغَرْنَاطة فأقامت على طاعة المرابطين.

وأمّا غرب الأندلس، فقام به دُعاةُ فِتَنٍ ورءوس ضلالة، منهم أَحْمَد بْن قسيّ، وكان فِي أوّل أمره يدَّعي الولاية، وكان ذا حِيَل وشَعْوَذَة، ومعرفة بالبلاغة، فقام بحصن مارتلة، ثُمَّ اختلف عليه أصحابه وتحيّلوا، فأخرجوه