للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتطهَّرت افريقية من الكُفْر، وتمَّ له مَلْك المغرب من طرابُلُس إلى سوس الأقصى، وأكثر جزيرة الأندلس.

قال: وهذه مملكة لا أعلمها انتظمت لأحدٍ قبله منذ أيام مروان الحمار.

وقيل: إنّه بدا له أن يمرّ في هذا الوجه على قرية باجسرى، وبها وُلِدَ، ليزور قبر أمّه وَلْيصِلْ مَنْ هناك مِنْ ذوي رَحِمه، فَلَمّا أطلّ عليها والجيوشُ قد نُشِرت بين يديه، والرّايات قد خفقت على رأسه، أكثر من ثلاثمائة راية من بنود وأَلْوية، وهزَّت أكثر من مائتي طبل، وطبولهم فِي نهاية الكِبَر، وغاية الضّخامة، يُخَيَّل لسامعها إذا ضُرِبت أنّ الأرض من تحته تهتزّ، فخرج أهل القرية للقائه، فقالت عجوزٌ منهم: هكذا يعود الغريب إلى بلده، ورفعت صوتها [١] .

وفي سنة ثمانٍ وخمسين أمر النّاس بالجهاد لغزو الروم بالأندلس، واستنفر أهل مملكته ثُمَّ سار حَتَّى نزل مدينة سَلا، فمرض، ثُمَّ مات بها فِي السّابع والعشرين من جُمَادَى الآخرة. وكان قد جعل وليَّ عهده مُحَمَّد، ولَدَه الكبير، وكان لا يصلح، لإدمانه الخمور، وكَثْرة طَيْشه. وقيل كان به جُذَام.

فَلَمّا مات اضطرب مُحَمَّد هذا، وخلعوه بعد شهرٍ ونصف، وأجمعت الدّولة على تولية أحد أخَوَيه يُوسُف أو عمر، فأباها عُمَر، فبايعوا أَبَا يَعْقُوب يُوسُف، فبقي فِي الخلافة اثنتين وعشرين سنة.

وخَلَّف عَبْد المؤمن ستّة عَشْر ابنا، وهم: مُحَمَّد المخلوع، وعليّ، وعمر، ويوسف، وعثمان، وسليمان، ويحيى، وإسماعيل، والحَسَن، والحسين، وعبد الله، وعبد الرَّحْمَن، وعيسى، وموسى، وإبراهيم، ويعقوب [٢] .


[١] المعجب ٣٣٩، ٣٤٠.
[٢] المعجب ٢٨٩.