للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال صاحب «الجمع والبيان» : وقفت على كتاب كتبه عَنْهُ بعض كُتّابه، يقول بعد البَسْملة: من الخليفة المعصوم الرضيّ الزَّكيّ، الَّذِي وردت البشائر به من النَّبيّ العربيّ، القامع لكلّ مُجَسِّم غَوِيّ، النّاصر لدين اللَّه الكبير العليّ، أمير المؤمنين الوليّ، عَبْد المؤمن بْن عليّ [١] .

٢٨١- عليّ بن أحمد [٢] .

أبو الحسن ابن الدّلاء الدّمشقيّ.

روى عَنْ نصر الدّمشقيّ مجلسا، سمعه منه أبو القَاسِم بْن عساكر [٣] ، وقال: تُوُفّي فِي شعبان، وله ثلاثٌ وثمانون سنة [٤] .


[١] وقال أبو الخير معاذ بن علي بن يونس بن المنصور الفقيه المغربي الصنهاجي: حدّثني غير واحد ممن أدرك عبد المؤمن أمير المغرب، قال: كان عبد المؤمن رجلا، عالما، ورعا، فقيها. وكان لا يخلو مجلسه من العلماء بكل فن من فنون العلم، ومتى خاضوا فنّا خاض معهم فيه كأحدهم، فاتفق أن حضر مجلسه خلق كثير من العلماء والفقهاء والشعراء، فجرت مسألة فسكتوا لاستماع كلامه فقال لهم: لم لا تتكلّمون؟ فابتدر أحدهم فقال: لا علم لنا إلّا ما علّمتنا. فسمع بعض من كان حاضرا، فكتب في الحال رقعة لطيفة، فيها:
يا ذا الّذي قهر العباد بسيفه ... ماذا يصدّك أن تكون إلها؟
أنطق بها فيما ابتدعت، فإنه ... لم يبق شيء لم تقله سواها
ثم ألقاها في غمار المجلس، من غير أن يعلم أحد. فلمّا قاموا لمحها عبد المؤمن فدعا بها واعتقد أنها لمظلوم أو طالب حاجة، فلما قرأها أمر بكل من يعرف بقول الشعر أن يحبس، فحبس جماعة كثيرة، فلما رأى ذلك قائلها، لم ير أن يؤخذ بها غيره ممن ليس له ذنب، فطالع عبد المؤمن بذلك. فدعاه، فلما وقف بين يديه قال له: ما الّذي دعاك إلى هذه؟
فأعلمه أنه فعله غير مرة غيرة على دينه، ولم يرض ما خوطب به من قول القائل: لا علم لنا إلا ما علّمتنا، إذ هذا خطاب الملائكة للَّه- جلّ وعلا- فقال: يا شيخ مثلك من نبّه على حسن ونهى عن مكروه. ووصله وصلة حسنة، ولم يهجه بما خاطبه به من قوله: انطق بها فيما ابتدعت، ولا أنكره عليه. (تاريخ إربل ١/ ٢٥٠) .
[٢] انظر عن (علي بن أحمد) في: تاريخ دمشق، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور ١٤/ ١٧٦ رقم ٥٧.
[٣] وهو قال: كان يجيد اللعب بالشطرنج، ويحاضر الأمراء لأجله، ثم صلحت طريقته قبل موته.
[٤] سئل ابن الدلاء عن مولده فقال: في سنة خمس وسبعين وأربعمائة.