للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ، وَعَنْ سَعْدٍ «إِنَّ عَمَّارًا عَلَى الْفِطْرَةِ إِلَّا أَنْ تُدْرِكَهُ هَفْوَةٌ مِنْ كِبَرٍ [١] » . وقال علقمة: سمعت أَبَا الدَّرداء يقول: أليس فيكم صاحب السِّواك والوِساد- يعني ابن مسعود-، أليس فيكم الذي أعاذه الله على لسان نبيه من الشيطان- يعني عمارا-، أليس فيكم صاحب السّرّ حذيفة [٢] . أخرجه البخاريّ.


[١] أخرجه الحاكم في المستدرك ٣/ ٣٩٣، ٣٩٤ وصحّحه الذهبي ووافقه في تلخيصه، وقد تقدّم آنفا في مقتل الخليفة عثمان مرفوعا، وفيه «ولهة» بدل «هفوة» .
[٢] أخرجه أحمد في المسند ٦/ ٤٤٥ و ٤٥١، والبخاري في فضائل الصحابة (٣٧٤٢) و (٣٧٦١) في باب فضائل عمّار، وباب مناقب عبد الله بن مسعود، من طريق موسى بن أبي عوانة، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة: دخلت الشام فصلّيت ركعتين فقلت: اللَّهمّ يسّر لي جليسا، فرأيت شيخا مقبلا، فلما دنا قلت: أرجو أن يكون استجاب الله، قال: من أين أنت؟ قلت: من أهل الكوفة، قال: أفلم يكن فيكم صاحب النعلين والوساد والمطهرة؟ أو لم يكن فيكم الّذي أجير من الشيطان؟ أو لم يكن فيكم صاحب السّرّ الّذي لا يعلمه غيره؟ كيف قرأ ابن أمّ عبد وَاللَّيْلِ ٩٢: ١؟ فقرأت: وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى. وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى، وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ٩٢: ١- ٣. قال: أقرأنيها النبيّ صلى الله عليه وسلّم، فاه إلى في. فما زال هؤلاء حتى كادوا يردونني» .
وأخرجه الطبري في تفسيره ٣٠/ ٢١٧، ٢١٨ من طرق، منها الطريق التي ذكرها البخاري هذه، وأخرج مسلم نحوه (٨٢٤) ، وانظر تفسير ابن كثير ٤/ ٥١٧ وما بعدها.
وقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» ٨/ ٧٠٧ رقم (٤٩٤٤) : وبين رواياته (أي الحديث) : باب وما خلق الذكر والأنثى. ثم إن هذه القراءة- يعني قراءة ابن مسعود- لم تنقل إلّا عمّن ذكر هنا، ومن عداهم قرءوا وما خلقوا الذكر والأنثى، وعليها استقرّ الأمر مع قوّة إسناد ذلك إلى أبي الدرداء ومن ذكر معه. ولعلّ هذا ممّا نسخت تلاوته ولم يبلغ النسخ أبا الدرداء ومن ذكر معه. والعجب من نقل الحفّاظ من الكوفيين هذه القراءة عن علقمة، وعن ابن مسعود، وإليهما تنتهي القراءة بالكوفة، ثم لم يقرأ بها أحد منهم. وكذا أهل الشام حملوا القراءة عن أبي الدرداء ولم يقرأ أحد منهم بهذا. فهذا ممّا يقوّي أن التلاوة بها نسخت.
وقال النووي في «شرح صحيح مسلم» ٢/ ٤٧٥: قال القاضي: قال المازري: يجب أن يعتقد في هذا الخبر وما في معناه أن ذلك كان قرآنا ثم نسخ، ولم يعلم من خالف النسخ، فبقي على النسخ. ولعلّ هذا وقع من بعضهم قبل أن يبلغهم مصحف عثمان المجمع عليه، المحذوف منه كل منسوخ. وأما بعد ظهور مصحف عثمان فلا يظنّ بأحد منهم أنه خالف فيه. وأما ابن مسعود فرويت عنه روايات كثيرة منها ما ليس بثابت عند أهل النقل. وما ثبت منها مخالفا لما قلناه