للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان من أنبل الفُقَهاء وأنظرهم وأفصحهم.

وفي سنة ثمانٍ وعشرين زُكّيَ، ثُمَّ بعد ذلك ولي قضاء واسط، فبقي بها مدَّة، ثُمَّ عزل عن القضاء والعدالة، ولزم العلم والمقام بمنزلة إلى أن تُوُفّي وقد أَسَنّ [١] .

سمع: الْحَسَن بْن مُحَمَّد التككيّ، وأبا الْحَسَن بْن العلّاف، وأبا الغنائم بْن النَّرْسيّ.

روى عَنْهُ: أبو الفتح المَنْدائيّ، وأبو مُحَمَّد بْن الأخضر، وغيرهما [٢] .

وتُوُفيّ في ربيع الآخر ببغداد، وله ستّ وستّون سنة. والأصحّ أنّه تُوُفّي فِي خامس جُمَادَى الأولى، وقد درّس وأفتى وأفاد وتخرَّج به خلْق. وكانت جنازته مشهودة.

٣٥٩- مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عُمَر بْن [قُرطف] [٣] .

أبو الفتح النُّعمانيّ، الشّاعر المشهور، يعرف بابن الأديب.


[١] قال ابن الجوزي: ولد سنة أربع وتسعين وأربعمائة.. وأفتى ودرّس، وكان له ذكاء وفهم جيّد، وتولّى القضاء بباب الأزج وبواسط، ثم أشهد قاضي القضاة أبو الحسن ابن الدامغانيّ على نفسه ببغداد أنه قد عزله عن القضاء فذكر عنه أنه لم يلتفت إلى العزل، ثم خاف من حكمه بعد العزل فتشفّع بابن أبي الخير صاحب البطيحة إلى الخليفة حتى أمنه، فقدم بعد إحدى عشرة سنة وقد ذهب بصره، فلازم بيته، فلما مرض طلب أن يدفن في دكة أحمد بن حنبل. قال لي عبد المغيث: بعث بي إلى الوزير فقال: في الدكة جدّي لأمّي. فأنكر الوزير هذا وقال: كيف تنبش عظام الموتى؟
[٢] وقال ابن القطيعي: قرأت عليه شيئا من المذهب، وحضرت درسه، ولم ير مثله في حسن عبارته، وعذوبة محاورته، وحسن سمته، ولطافة طبع، ولين معاشرة، ولطف تفهيم. عطر بالرياسة، خليق بالتصدر، جدّ واجتهد حتى صار انظر أهل زمانه، وأوحد أقرانه، ذو خاطر عاطر، وفطنة ناشئة. أعرف الناس باختلاف أقوال الفقهاء. ظهر علمه في الآفاق. ورأى من تلاميذه من ناظر ودرّس وأفتى في حياته. وصنّف القاضي أبو يعلى تصانيف كثيرة منها:
«التعليقة» في مسائل الخلاف، كبيرة، و «المفردات» ، وكتاب «شرح المذهب» وهو مما صنفه في شبيبته، وكتاب «النكت والإشارات في المسائل المفردات» (الذيل على طبقات الحنابلة) .
[٣] انظر عن (محمد بن محمد بن عمر) في: الوافي بالوفيات ١/ ١٢٦ رقم ٣٨، والمستدرك منه، وفي الأصل بياض. وقد جوّد الصفدي ضبطه فقال: قرطف بالقاف والراء والطاء المهملة والفاء على وزن قطرب.