للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: كَانَ يَقُولُ بأنّ أفعال العباد قديمة، وبينه وبين المصريّين خلاف.

وكان قد دُفِن عند الشّافعيّ، فتعصَّب عَلَيْهِ الخُبُوشانيّ [١] ونَبَشَه وقال:

هذا حَشَوِيّ لا يكون عند الشّافعيّ، ودُفن فِي مكانٍ آخر [٢] .

من شِعْره:

يا من يَتِيه عَلَى الزَّمان بحُسْنِهِ ... أعْطِفْ عَلَى الصَّبِّ المَشُوق التَّائِه

أضْحَى يخاف عَلَى احتراق فؤاده ... أسفا لأنّك منه في سودائه [٣]


[١] الخبوشانيّ: بضم الخاء المعجمة والباء الموحّدة وفتح الشين المعجمة وفي آخرها النون.
هذه النسبة إلى خبوشان وهي اسم لبليدة بناحية نيسابور يقال لها خبوشان. (الأنساب ٥/ ٤٣) .
فلعلّ المذكور أعلاه منسوب إليها، والله أعلم. وقد تحرّفت هذه النسبة إلى: «الخرشاني» في (مرآة الزمان ٨/ ٢٥٤) .
[٢] قال القاضي الفاضل في حوادث سنة إحدى وثمانين وخمسمائة: وفي ليلة الإثنين التاسع عشر من جمادى الآخرة نقل- يعني ابن الكيزاني- لما وصل التاج البيدقي إلى القاهرة وبلّغ السلطان رسالة يؤمر فيها بنشر ابن الكيزاني من قبره المجاور لقبر الشافعيّ، وإلقاء رمّته في بحر النيل، فنقل حيث قبره الآن من القرافة. (المقفّى الكبير ٥/ ٦٢) .
[٣] البيتان في: مرآة الزمان ٨/ ٢٥٥، وسير أعلام النبلاء ٢٠/ ٤٥٥، والوافي بالوفيات ١/ ٣٤٨، والنجوم الزاهرة ٥/ ٣٦٨.
وقال سبط ابن الجوزي: وكان زاهدا، عابدا، قنوعا من الدنيا باليسير، فصيحا، وله النظم والنثر، وديوانه بمصر مشهور وممدوح مشكور، ولقد وقفت عليه في مصر فرأيته مليح العبارة، صحيح الإشارة، فيه رقّة وحلاوة، وعليه طلاوة وغير ذلك. أنشدني منه أبو الفضل مرهف بن أسامة بن منقذ بمصر في سنة سبع وستمائة يقول:
اصرفوا عنّي طبيبي ... ودعوني وحبيبي
علّلوا قلبي بذكري ... فلقد زاد لهيبي
طاب هتكي في هواه ... بين واش ورقيب
لا أبالي بعوار ... النفس ما دام نصيبي
ليس من لام وقد ... أطنب فيه بمصيب
جسدي راض بسقمي ... وجفوني بنحيبي
وقال أيضا:
تخيّر لنفسك من ترتضيه ... ولا تدنينّ إليك اللّئاما
فليس الصديق صديق الرخاء ... ولكن إذا قعد الدهر قاما
ينام وهمّته في الّذي ... يهمّك لا يستلذّ المناما