للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمعاني الصّحيحة، المُعرِض عَنْ زخارف الدُّنيا، المُقبِل عَلَى العِلم والتَّقوى، كذا قَالَ فِيهِ ابن النّجّار.

وقال: قدِم بغدادَ فِي صِباه فاستوطنها. وكان يتكلَّم عَلَى النّاس كلّ جمعة بعد الصّلاة بجامع القصر، يجلس عَلَى آجرّتين، ويقوم إذا حميَ الكلام.

وسُئل أن يُعمل لَهُ كُرسيّ، فأبى ذَلِكَ. وكان يحضر مجلسه العلماء والأعيان، ويتكلّم عَلَى لسان أهل الحقيقة بلسان عذْب، وكلامٍ لطيف، ومنطْق بليغ، فانتفع بِهِ خلْقٌ كثير.

وكان من أولياء اللَّه وأصفيائه، لَهُ المقامات، والرياضات، والمجاهدات.

دوَّن كلامه أَبُو المعالي الكُتُبيّ فِي كتاب مُفْرَد.

روى لي عَنْهُ: ابن سُكَيْنَة، وابن الحُصْريّ.

وكان شيخا مليح الصّورة، ذا تجمُّل فِي ملبوسه وبيته فَقْر.

وقال ابن الجوزيّ [١] : كَانَ مُحَمَّد الفارقيّ يتكلَّم عَلَى النّاس قاعدا، وربّما قام عَلَى قدميه فِي دار سيف الدّولة من الجامع. وكان يُقال إنّه يحفظ كتاب «نهج البلاغة» ويغيّر ألفاظه. وكانت لَهُ كلمات حِسان فِي الجملة.

وقال أَبُو المحاسن الْقُرَشِيّ: قدِم بغداد فِي صِباه، وسمع من: جعفر السّراج، وانقطع إلى الخلْوة والمجاهدة والعبادة إلى أن لاحت لَهُ إمارات القبول.

وكان العلماء والفُضَلاء يُقْصِدونه ويكتبون كلامه الَّذِي هُوَ فوق الدّرّ.

كَانَ متقلّلا، خشِن العِيش.

وقال ابن الدَّبِيثيّ: كَانَ يتكلَّم عَلَى النّاس كلّ جمعة من غير تكلُّف ولا رويَّة والنّاس يكتبون.

وقال أَبُو أحمد بْن سُكَيْنَة الأمير: سَمِعْتُ أَبَا عَبْد اللَّه الفارقيّ يَقُولُ:

المحبَّة نار، زِنادُها جمال المحبوب، وكِبِرْيتها الكَمَد، وخزّانها حرق القلوب، ووَقُودُها الفؤاد والكبد.


[١] في المنتظم.