أَبُو مُحَمَّد بْن يوسف بْن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بْن الظّاهر بْن الحاكم العُبَيْديّ، الْمَصْرِيّ، الرّافضيّ، الَّذِي يزعم هُوَ وبيته أنّهم فاطميّون وهو آخر خلفاء مصر.
وُلِد سنة ستٍّ وأربعين وخمسمائة فِي أوّلها. ولمّا هلك الفائز ابن عمّه واستولى الملك طلائع بْن رُزّيك عَلَى الدّيار المصريَّة بايع العاضد وأقامه صورة، وكان كالمحجور عَلَيْهِ لا يتصرَّف فِي كلّ ما يريد. ومع هذا كَانَ رافضيّا، سَبّابًا، خبيثا.
قَالَ ابن خَلِّكان: كَانَ إذا رَأَى سُنّيًّا استحلّ دمه. وسار وزيره الملك الصّالح سيرة مذمومة، واحتكر الغلّات، فغلت الأسعار، وقتل أمراء الدّولة خِيفةً منهم، وأضعف أحوال دولتهم بقتل ذوي الرأي والبأس، وصادر ذوي الثّروة.
وفي أيّام العاضد ورد حَسَن بْن نزار بْن المستنصر العُبَيْديّ من الغرب، وقد جمع وحشد، فلمّا قارب مصر غَدَر بِهِ أصحابه، وقبضوا عَلَيْهِ، وأتوا بِهِ إلى العاضد، فذُبِح صبرا فِي سنة سبْعٍ وخمسين.
قلت: ثمّ قتل ابن رُزِّيك، ووَزَرَ لَهُ شاوَر، فكان سبب خراب دياره، ودخل أسد الدّين إلى ديار مصر كما ذكرنا، وَقُتِلَ شاوَر، ومات بعده أسد الدّين، وقام فِي الأمر ابن أخيه صلاح الدّين وتمكَّن فِي المملكة.
قَالَ القاضي جمال الدّين ابن واصل [١] : حكى لي الأمير حسام الدّين، فحكى أَنَّهُ لمّا وقعت هذه الوقعة، يعني وقعة السّودان، بالقاهرة الّتي زالت دولتهم فيها، ودولة آل عُبَيْد، قَالَ: شرع صلاح الدّين يطلب من العاضد أشياء من الخَيل والرقيق والأموال ليتقوّى بذلك.
قَالَ: فسيَّرني يوما إلى العاضد أطلب منه فَرَسًا، ولم يبق عنده إلّا فرسٌ واحد، فأتيته وهو راكب فِي بستانه المعروف بالكافوريّ الَّذِي يلي القصر،