للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسيّره صاحب مَكَّة قاسم بْن هاشم بْن فُلَيْتَة رسولا إلى الفائز خليفة مصر، فامتدحه بقصيدته الميميَّة [١] ، وهي:

الحمدُ للعيسِ [٢] بعدَ العَزْمِ والهِمَمِ ... حَمْدًا يقومُ بما أَوْلَتْ [٣] من النِّعَمِ

لا أجحد الحقّ [٤] ، عندي للركابِ يدٌ ... تمنَّت اللُّجَمُ فيها رقبَة [٥] الخطمِ

قَرَّبْنَ بُعد مزار العزّ من نَظَري [٦] ... حَتَّى رَأَيْتُ إمام العَصر من أُمَمِ

ورُحْنَ [٧] من كعبةِ البطحاء والحَرَم ... وَفْدًا إلى [٨] كعبة المعروف والكَرَمِ

فهل دري البيت أَنّي بعد فُرْقته [٩] ... ما سِرْتُ من حَرَمٍ إِلَّا إلى حَرَمِ

حيث الخلافةُ مضروبٌ سُرَادِقُها ... بين النّقيضَيْنِ من عفْوٍ ومن نَقَمِ

وللإمامةِ أنوارٌ مُقَدَّسَةٌ ... تجلو البغيضين مِن ظُلْمِ ومِن ظُلَمِ

وللنُّبُوَّةِ آياتٌ تُنَصّ [١٠] لنا ... عَلَى الخفيّين مِن حُكْمٍ ومِن حِكَمِ

وللمكارِمِ أعلامٌ تَعلِّمُنَا ... مدحَ الجزيلين من بأسٍ ومن كَرَمِ

وللعُلا ألْسُنٌ تُثْنِي محاوِرُها ... عَلَى الحميدين من فِعْلٍ ومن شِيَمِ

أقسمتُ بالفائز المعصوم معتقدا ... فوزَ النَّجَاةِ وأجَر البِرِّ فِي القَسَمِ

لقد حمى الدِّينَ والدّنيا وأهْلَهما [١١] ... وزيرُه الصّالح الفرّاجُ للغم


[١] وذلك في سنة ٥٥٠ هـ.
[٢] قال أبو شامة تعليقا على هذا الاستهلال: «وعندي من قوله «الحمد للعيس» ، وإن كانت القصيدة فائقة، فقرة عظيمة، فإنه أقام ذلك مقام قولنا «الحمد للَّه» ، ولا ينبغي أن يفعل ذلك مع غير الله تعالى عزّ وجلّ، فله الحمد وله الشكر، فهذا اللفظ كالمتعيّن لجهة الربوبية المقدّسة، وعلى ذلك اطّرد استعمال السلف والخلف رضي الله عنهم» . (الروضتين ج ١ ق ٢/ ٥٧٧) .
[٣] في مرآة الزمان: «أولته» . وفي مرآة الجنان: «أوليت» .
[٤] في الأصل: «الخلف» ، والمثبت عن (النكت العصرية) وغيره.
[٥] في مرآة الجنان: «تمنيت اللحم فيها رتية» .
[٦] في مرآة الجنان: «قرير بعد مرار العي ٥ من نظري» .
[٧] في مرآة الجنان: «وأجر» .
[٨] في مرآة الجان «السامي إلى» .
[٩] في الروضتين: «زورته» .
[١٠] في الروضتين: «تضيء» .
[١١] في مرآة الجنان: «وأهلهم» .