للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ كتب بعد ذَلِكَ بالقلم الجافي: تحقيقا للحقّ، وتمحيقا للباطل، ونشرا للعدل، وتقديما للصّلاح الشّامل، وإيثارا للثّواب الآجل عَلَى الحُطام العاجل..

إلى أن قَالَ: فأيقنوا أنّ ذَلِكَ إنعامٌ مستمرّ عَلَى الدّهور، باق إلى يوم النُّشُور، ف كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ٣٤: ١٥ [١] .

وسبيل كلّ واقفٍ عَلَى هذا المِثال من الوُلاة والعمّال حذْف ذَلِكَ كلّه، وتَعْفية رسومه، ومحو آثاره، وإقراره وإطلاقه عَلَى الإطلاق، فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ الله سَمِيعٌ عَلِيمٌ ٢: ١٨١ [٢] . والتّوقيع الأعلى [٣] حجَّة لمضمونه ومقتضاه.

وكتب [بيده] [٤] الكريمة شرّفها اللَّه، فِي مُسْتَهَلّ رجب سَنَة سبع وستّين وخمسمائة.

ومن شجاعته، نقل ابن واصل [٥] وغيره أَنَّهُ كَانَ مِن أقوى النَّاس بَدَنًا وقلبا، وأنّه لم يُرَ عَلَى ظهر فَرَسٍ أشدّ منه، كأنّما خُلِق عَلَيْهِ ولا يتحرَّك.

وكان من أحسن النَّاس لعبا بالكُرَة، تجري الفَرَس ويتناولها من الهواء بيده، ويرميها إلى آخر الميدان. وكان يمسك الجوكان بكم قبائه استهانة باللّعب.

وكان إذا حضر الحرب أخذ قوسين وتركاشَيْن، وباشر القتال بنفسه.

وكان يَقُولُ: طالما تعرّضتُ للشّهادة فلم أُدْرِكْها.

قلت: قد أدركْتَها عَلَى فراشك، وبقي ذَلِكَ فِي أفواه المسلمين تراهم يقولون: نور الدِّين الشّهيد. وما شهادته إِلَّا بالخوانيق رحمه الله.


[١] سورة سبإ، الآية ١٥.
[٢] سورة البقرة، الآية ١٨١.
[٣] في الأصل: «الأعلى» .
[٤] بياض في الأصل.
[٥] في مفرّج الكروب.