للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكره ابْن النّجّار فِي «تاريخه» فقال: إمام المحدّثين فِي وقته، ومن انتهت إليه الرئاسة فِي الإتقان والحفْظ والمعرفة التّامّة والثّقة، وبه خُتم هذا الشّأن.

روى عَنْهُ جماعةٌ وهو فِي الحياة، وحدَّثوا عَنْهُ بالإجازة فِي حياته.

قال: وقرأت بخطّ الحافظ مَعْمَر بْن الفاخر فِي «معجمه» : أخبرني أَبُو القاسم عليّ بْن الْحَسَن الدّمشقيّ الحافظ من لفْظه [بمِنَى] [١] إملاء يوم النفْر الأوّل، وكان أحفظ مَن رَأَيْت مِن طَلَبة الحديث والشُّبان، وكان شيخنا الْإِمَام إِسْمَاعِيل بْن مُحَمَّد يفضّله على جميع مَن لقيناهم من أهل أصبهان وغيرها.

قدِم إصبهانَ، وسمع ونزل فِي داري، وما رَأَيْت شابّا أورع وَلَا أتْقن وَلَا أحفظ منه. وكان مع ذلك فقيها أديبا [سنيّا] [٢] ، جزاه اللَّه خيرا، وكثَّر فِي الْإِسْلَام مثله، أفادني فِي الرحلة الأولى والثّانية ببغداد كثيرا، وسألته عَن تأخّره فِي الرحلة الأولى عَن المجيء إلى أصبهان فقال: لم تأذن لي أمّي.

قلت: وهو مع جلالته وحِفْظه يروي الأحاديث الواهية والموضوعة وَلَا يتبيّنها، وكذا كان عامّة الحُفّاظ الّذين بعد القرون الأولى، إلَّا من شاء ربكَ فَلَيْسألَنَّهم اللَّه تعالى عَن ذلك. وأيّ فائدةٍ بمعرفة الرجال ومصنفات التّاريخ والجرح والتّعديل إلَّا كشف الحديث المكذوب وهتكه؟

قال ابنه أَبُو مُحَمَّد: تُوُفي أَبِي فِي حادي عشر رجب، وحضر الصّلاة عَلَيْهِ السّلطان صلاح الدّين، وصلّيت عَلَيْهِ فِي الجامع، والشّيخ قُطْب الدّين فِي المَيْدان الَّذِي يُقابل المُصلى. ورأى لَهُ جماعة من الصّالحين منامات حَسنَةً، ورُثِيَ بقصائد، ودُفن بمقبرة باب الصغير.

قلت: قبره مشهور يزار رحمه الله [٣] .


[١] ساقطة من الأصل، استدركتها من: سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٥٦٧.
[٢] ساقطة من الأصل، استدركتها من: سير أعلام النبلاء ٢٠/ ٥٦٧.
[٣] أقول: أفاد ابن عساكر من شيوخ ساحل دمشق حيث نزل بعلبكّ مرتين على الأقلّ، فأخذ-