الرَّوْع، فالتفت إلى ابْن طُفَيْل وجعل يتكلّم على المسألة، ويذكر قول أرسطو فِيهَا، ويُورد احتجاجَ أهل الْإِسْلَام على الفلاسفة، فرأيت منه غزارةَ حِفْظٍ لم أظنّها فِي أحدٍ من المشتغلين. ولم يزل يبسطني حتّى تكلّمت، فعرف ما عندي من ذلك. فلمّا قمت أمر لي بخِلْعةٍ ودابةٍ ومال.
وقد وَزَرَ لأبي يعقوب أخوه عُمَر أيّاما، ثمّ رفع قدره عَنْهَا، وولّى أَبَا العلاء إدريس بْن جامع إلى أن قبض عَلَيْهِ سنة سبْعٍ وسبعين، وأخذ أمواله، واستوزر وليّ عهده ولده يعقوب.
وكتبَ لَهُ أَبُو مُحَمَّد عيّاش بْن عَبْد الملك بْن عيّاش كاتب أَبِيهِ، وأبو القاسم العالميّ، وأبو الفضل جَعْفَر بْن أَحْمَد بْن محشوه البجّائيّ. وكان على ديوان جيشه أَبُو عَبْد الرَّحْمَن الطّوسيّ. وكان حاجبه مولاه كافور الخَصِي.
وكان لَهُ من الولد ستّة عشر ذَكَرًا مِنهم صديقي يحيى.
قال: ومنه تلقّيت أكثر أخبارهم. ولم أر فِي الملوك وَلَا فِي السُّوقة مثله.
قال: وقُضاته: أَبُو مُحَمَّد المالقيّ، ثمّ عيسى بْن عمران التّاريّ، وتارا من أعمال فاس. ثمّ الحَجاج بْن إِبْرَاهِيم التّجيبيّ الأغماتيّ الزّاهد، فاستعفى، فولي بعده أَبُو جَعْفَر أَحْمَد بْن مضاء القرطبيّ.
وفي سنة اثنتين وستّين وخمسمائة نزعت قبيلة غمارة الطّاعة، وكان رأسهم سبُع بن حيّان ومزدرع فدعوا إلى الفتنة. واجتمع لهم خلْق.
وبلاد غمارة طولا وعرضا مسيرة اثنتي عشرة مرحلة، فخرج أَبُو يعقوب بجيوشه، فأسلمت الرجلين جموعهما فأُسِرا، وشرّدهما إلى قُرطُبة.
ودخل الأندلس، والتفت على ما بيد مُحَمَّد بْن سعد بْن مردنيش، فنزل إشبيلية، وجهّز العساكر إلى مُحَمَّد، وأمّر عليهم أخاه أمير غَرْناطة عثمان.
فخرج مُحَمَّد فِي جموع أكثرها من الفرنج. وكانوا أجناده، قد اتّخذهم أنصاره لمّا أحسّ باختلاف قوّاده عَلَيْهِ، فقتل أكثرهم، وأمّر الفرنج وأقطعهم. وأخرج