للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العادل بْن السّلّار، ثمّ قدِم دمشقَ، وسكن حماه مدّة، وكان أَبُوهُ أميرا شاعرا مُجِيدًا أيضا.

وقَالَ ابن السّمعانيّ: قَالَ لي أَبُو المظفَّر: أحفظ أكثر من عشرين ألف بيت من شِعْر الجاهلية. ودخلتُ بغداد وقت مُحاربة دُبَيْس والمسترشد باللَّه، ونزلت بالجانب الغربيّ، وما عبرتُ إلى شرقيّها.

وقَالَ العماد الكاتب [١] : مؤيَّد الدّولة أعرف أَهْل بيته فِي الحسب، وأعرفهم بالأدب. وجرت لَهُ نَبْوة فِي أيّام الدّمشقيّين، وسافر إلى مصر فأقام بها سنين فِي أيّام المصريّين، ثمّ عاد إلى دمشق. وكنت أسمع بفضله وأنا بأصبهان. وما زال بنو [٢] منقذ مالكي شَيْزَر إلى أن جاءت الزَّلزَلة في سنة نيّف وخمسين وخمسمائة، فخرَّبت حصنها، وأذهبت حُسْنها، وتملَّكها نور الدّين عليهم، وأعاد بناءها، فَتَشعَّبوا شُعَبًا، وتفرَّقوا أيدي سبأ. وأسامة كإسمه فِي قوّة نثره ونظْمه، تلوح فِي كلامه إمارة الأمارة، ويؤسِّسُ بيتُ قريضهِ عمارةَ العبارَة. انتقل إلى مصر فبقي بها مؤمَّرًا، مشارا إِلَيْهِ بالتّعظيم إلى أيّام ابن رُزّيك، فعاد إلى دمشق محتَرَما حَتَّى أُخِذت شَيْزَر من أهله، ورشقهم صرف الزّمان بنَبْله، ورماه الحِدْثان إلى حصن كِيفا مقيما بها فِي ولده، مؤثِرًا بلَدَها عَلَى بلده، حَتَّى أعاد اللَّه دمشق إلى سلطنة صلاح الدّين، ولم يزل مشغوفا بذِكره، مستهترا بإشاعة نظْمه ونثْره. والأمير عضُد الدّولة وُلِد الأمير مؤيّد الدّولة جليسه ونديمه [٣] ، فطلبه إلى دمشق وَقَدْ شاخ، فاجتمعتُ بِهِ وأنشدني لنفسه فِي ضرسه:

وصاحب لا أملُّ الدّهرَ صُحْبَتَه ... يشقى لنفْعي ويسعى [٤] سعْي مجتهدِ

لَمْ أَلْقَهُ مُذْ تصاحبنا، فحين بدا ... لناظريّ افترقنا فرقة الأبد

[٥]


[١] في خريدة القصر (الشام) ١/ ٤٩٩.
[٢] في الأصل: «بنوا» .
[٣] معجم الأدباء ٥/ ١٩٢، ١٩٣.
[٤] في الأصل: «يسعا» .
[٥] البيتان في ديوانه ص ١٥٣، وسنا البرق الشامي ١/ ٢٢٧، ومعجم الأدباء ٥/ ١٩٤،