للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كم صار [١] فِي ليلِ الشّباب فدلَّه ... صُبْحُ المَشِيب عَلَى الطّريق الأقصدِ

وَإِذَا عَدَدْتَ سِنِيّ ثُمَّ نَقَصْتَها ... زَمَنَ الهُمُوم فتِلكَ ساعةُ مولدي

[٢] وَلَهُ فِي الشَّيْب:

أَنَا كالدُّجى لمّا تناهى عُمره ... نشرت لَهُ أيدي الصّباح ذوائبا

[٣] وَلَهُ:

انظر إلى لاعب الشَّطْرَنْج يجمعُها ... مُغالِبًا ثُمَّ بعد الجمْع يرميها

كالمرءِ يكْدَحُ للدّنيا ويجمعُها ... حَتَّى إذا مات خلّاها وما فيها

[٤] وَلَهُ إلى الصّالح طلائع بْن رُزّيك وزير مصر يسأله تسييرَ أهله إلى الشّام، وكان الصّالح ابن رُزّيك يتوقَّع رجوعَه إلى مصر:

أذْكِرْهُمُ الوِدَّ إنْ صدُّوا وإنْ صَدَفوا ... إنّ الكرام إذا استعطفْتهُمُ عطفوا

ولا تُرِدْ شافعا إلّا هواك لهم ... كفاك ما اختبروا وما كشفوا

يا حيرة القلب والفُسْطاطُ دارُهُم ... لَمْ تصقب الدّار ولكنْ أصقب الكَلَفُ

فارقتُكُم مُكْرَهًا والقلبُ يخبرني ... أن ليس لي عِوضٌ عنكم ولا خَلَفُ

ولو تعوَّضْتُ بالدّنيا غُبِنتُ، وهل ... يُعوِّضني عَنْ نفس الجوهر الصَّدَفُ؟

ولَسْتُ أُنكر ما يأتي الزّمان بِهِ ... كُلّ الورى لرزايا دهرهم هرفُ

ولا أسِفتُ لأمرٍ فات مطْلبُه ... ولكنْ لفُرقِه مَن فارقتُه الأسفُ

الملكُ الصّالح الهادي الَّذِي شهِدَتْ ... بفضل أيّامه الأنباءَ والصُّحُفُ

ملكٌ أقلّ عطاياه الغِنى، فإذا ... أدناكَ منه فأدنى حظّك الشَّرَفُ

سعتْ إلى زُهده الدُّنْيَا بزُخْرُفها ... طَوْعًا، وفيها عَلَى خطابها صلف


[١] في معجم الأدباء: «جار» .
[٢] معجم الأدباء ٥/ ١٩٤، الخريدة ١/ ٥٣٣، الوافي بالوفيات ٨/ ٣٨١، مقدّمة لباب الآداب (م، ن) .
[٣] معجم الأدباء ٥/ ١٩٨، لباب الآداب- ص (ن) . وقال أسامة في (اللباب ٣٧٧) : أفردت لذكر الشيب والكبر والشباب كتابا ترجمته بكتاب (الشيب والشباب) اشتمل على كثير مما يتطلّع إليه من هذا النوع.
[٤] خريدة القصر ١/ ٥١٥، معجم الأدباء ٥/ ٢٠٤، الوافي بالوفيات ٨/ ٣٨١.