للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مُسْهَدٌ وعيونُ النّاس هاجعةٌ ... عَلَى التَّهجُّدِ والقرآنِ معتكِفُ

وتُشرق الشّمس من لألاء غُرَّتِهِ ... فِي دَسْتِهِ فتكاد الشّمس تنكسِفُ

فأجابه الصّالح، وكان يجيد النَّظْم رحِمَه اللَّه:

آدابُكَ الغُرّ بحرٌ ما لَهُ طَرَفُ ... فِي كُلّ جنسٍ بدا من حُسِنِه طُرَفُ

نقول لمّا أتانا ما بعثتَ بِهِ: ... هَذَا كتابٌ أتى، أمْ روضةٌ أنُفُ

إذا ذكرناك مجدَ الدّين عاوَدَنا ... شوقٌ تجدَّد منه الوجدُ والأسفُ

يا مَن جفانا ولو قَدْ شاء كَانَ إلى ... جنابنا دون أَهْل الأرض ينعطف

وهي طويلة.

ولأسامة:

مَعَ الثّمانين عاش الضَّعْفُ فِي جسدي ... وساءني ضَعْفُ رِجْلي واضطّرابُ يدي

إذا كتبتُ فخطّي خطُّ مضطَّرِبٍ ... كخطّ مُرْتَعِشِ الكفَّين مُرْتَعدِ

فاعْجب لضَعْفِ يدي عَنْ حَمْلها قَلَمًا ... من بَعْد حَطْمِ القَنَا فِي لُبَّةَ الأَسَدِ

وإن مشيتُ وَفِي كفّي العصا ثقُلَتْ ... رِجلي كأنّي أخوضُ الوحل فِي الجلدِ

فقُلْ لمن يتمنّى طول مدَّتِهِ: ... هذي عواقبُ طُولِ العُمرِ والمُدَدِ

[١] ولمّا قدِم من حصن كِيفا عَلَى صلاح الدّين قَالَ:

حَمِدْتُ عَلَى طول عُمري المَشِيبا ... وإنْ كنتُ أكثرتُ فِيهِ الذُّنوبا

لأنّي حييتُ إلى أن لقيت ... بعد العدوّ صديقا حبيبا

وَلَهُ:

لا تَستعِرْ جلَدًا عَلَى هجرانهم ... فقِواك تَضْعُفُ عَنْ حدودٍ دائمِ

واعْلم بأنَّك إنْ رجعتَ إليهم ... طَوْعًا، وإلّا عُدْتَ عَودة راغمِ

[٢] وعندي لَهُ مجلَّدٌ يخبر فِيهِ بما رَأَى منَ الأهوال قَالَ: حضرت منَ المصافّات والوقعات مَهْولَ أخطارِها، واصطليت من سعير نارها، وباشرت


[١] الاعتبار ١٦٣، ١٦٤، الروضتين ١/ ١١٤ وبعض هذه الأبيات في سير أعلام النبلاء ٢١/ ١٦٧.
[٢] خريدة القصر، الوافي بالوفيات ٨/ ٣٨٠، لباب الآداب (ن) .