للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان أحد أئمّة الْحَدِيث بالأندلس، والمسلَّم لَهُ فِي حِفْظ أغرِبة الْحَدِيث ولُغات العرب وأيّامها، لَمْ يكن أحد يُجاريه فِي معرفة الرجال والتّواريخ والأخبار. قاله أَبُو عَبْد اللَّه الأَبّار [١] .

قَالَ: وسَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَان بْن حَوْط اللَّه يَقُولُ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ إنَّه مرّ عليه وقتٌ يذكر فِيهِ «تاريخ» أَحْمَد بْن أَبِي خَيْثَمَة أَوْ أكثره.

قَالَ أَبُو سُلَيْمَان: وكان خطيبا، فصيحا، حَسَن الصَّوت، لَهُ خُطَبٌ حِسان.

وذكره أَبُو عَبْد اللَّه بْن عيّاد فَقَالَ: كَانَ عالما بالقرآن إماما فِي عِلم الْحَدِيث، عارفا بعِلله، واقفا عَلَى رجاله. لَمْ يكن بالأندلس مَن يُجاريه فِيهِ.

أقرَّ لَهُ بِذَلِك أَهْل عصره، مَعَ تقدّمه فِي اللّغة والأدب، واستقلاله بغير ذَلِكَ من جُمَيْع الفنون.

قَالَ: وكان لَهُ حَظّ منَ البلاغة والبيان، صارما فِي أحكامه، جزِلًا فِي أموره. تصدّر للإقراء والتّسميع وتدريس الأدب، وكانت الرحلة فِي وقته إِلَيْهِ وطال عُمره.

قَالَ: وَلَهُ كتاب «المغازي» فِي عدّة مجلّدات حمله عَنْهُ النّاس.

قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: أَحْمَد بْن مُحَمَّد الطُّرْطُوشيّ، وأَبُو سليمان بْن حَوْط اللَّه، ومُحَمَّد بْن وهب الفِهْريّ، ومُحَمَّد بْن الْحَسَن اللَّخْميّ الدَّانيّ، ومُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن صَلْتان، ومُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن حبُّون المُرْسِيّ، ومُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي السّداد اللّمتُونيّ، ونذير بْن وهب الفِهْريّ أخو مُحَمَّد، وعبد اللَّه بْن الْحَسَن المالقيّ، ويُعرف بابن القُرْطُبيّ الحافظ، وأَبُو الخَطَّاب عُمَر بْن دُحْية الكلبيّ، وعَلِيّ بْن يوسف بْن الشّريك، وعليّ بْن أَبِي العافية القسطليّ، وخلْق سواهم.

وروى عَنْهُ بالإجازة أَبُو عليّ عُمَر بْن محمد الشّلوبين النّحويّ، وغيره.


[١] في تكملة الصلة ٢/ ٥٧٣.