الجيش، فهجّوا عَلَى وجوههم، وتركوا الخيام بما فيها، فنُقِل الجميع إلى القلعة، وصار لهم أموال وأعتاد، واستفحل أمرهم.
وأمّا نزار، فَإِن عَمَّتَه خافت منه، فعاهدت أعيان الدّولة عَلَى أن توَلّي أخاه الآمر، وَلَهُ ستّ سِنين، وخاف نزار فهرب إلى الإسكندريّة، وجَرَت لَهُ أمور، ثُمّ قُتِلَ بالإسكندريّة. وصار أَهْل الألَموت يدعون إلى نزار، فأخذوا قلعة أخرى، وتسرّع أهل الجبل منَ الأعاجم إلى الدّخول فِي دعوتهم، وبايَنوا المصريّين لكونهم قتلوا نزارا. وبنوا قلعة، واتَّسَع بلاؤهم وبلادُهم، وأظهروا شُغُلَ الهجوم بالسّكّين الّتي سنّها لهم عليّ البعقوبيّ، فارتاع منهم الملوك، وصانعوهم بالتُّحَف والأموال.
ثُمّ بعثوا داعيا من دعاتهم في حدود الخمسمائة أَوْ بعدها إلى الشّام، يُعرف بأبي مُحَمَّد، فجرت لَهُ أمور، إلى أن ملك قِلاعًا من بلد جبل السُّمّاق [١] ، كَانَتْ فِي يد النُّصّيْريَّة. وقام بعده سِنان هَذَا، وكان شَهْمًا، مهِيبًا، وَلَهُ فُحُوليَّة، وذكار، وغَور. وكَانَ لا يُرى إلّا ناسكا، أَوْ ذاكرا، أَوْ واعظا، كَانَ يجلس عَلَى حَجَر، ويتكلّم كأَنَّه حجر، لا يتحرَّك منه إلّا لسانه، حَتَّى اعتقد جُهَّالهم فِيهِ الإلهيَّة. وحصَّل كُتُبًا كثيرة.