قصد بلاد هَؤُلَاءِ الملاحدة، وهي قلاع حصينة، منيعة، كبيرة، يُقَالُ إنّها ممتدَّة إلى أطراف الهند. وَقَدْ حكم عَلَى الملاحدة بعد صبّاح ابنه مُحَمَّد، ثُمّ بعده الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن صبّاح المذكور، فرأى الْحَسَن منَ الحزم أن يتظاهر بالإسلام، وذَلِكَ فِي سنة سبْع وستّمائة، فادّعى، أَنَّهُ رَأَى عليّا عَلَيْهِ السَّلامَ فِي النّوم يأمره أن يُعيد شعارَ الْإِسْلَام منَ الصلاة، والصيام، والأذان، وتحريم الخمر. ثُمّ قصَّ المنام عَلَى أصحابه وقَالَ: أليس الدّينُ لي؟
قَالُوا: بلى.
قَالَ: فتارة أرفع التكاليف، وتارة أضعها.
قَالُوا: سمعا وطاعة.
فكتب بِذَلِك إلى بغداد والنّواحي، واجتمع بمن جاوره مِنَ الملوك، وأدخل بلادَه القرّاء، والفُقهاء، والمؤذّنين، واستخدم فِي ركابه أَهْل قَزْوين.
وذلك منَ العجائب.
وجاء رسوله ونائبة فِي صُحبة رسول الخليفة إلى الملك الظّاهر إلى حلب، بأنْ يقتل النّائب الأوّل ويقيم هَذَا النّائب لَهُ عَلَى قِلاعهم الّتي بالشّام.
فأنفق عليهم الظّاهر وأكرمهم، وخلّصوا بإظهار الْإِسْلَام من يد خُوارزم شاه.
رجعنا إِلَى أخبار سنان. كَانَ أعرج لحَجَرٍ وقع عليه منَ الزّلزلة الكائنة فِي دولة نور الدّين. فاجتمع إِلَيْهِ مُحُّبوه، عَلَى ما ذكر الموفّق عَبْد اللّطيف، لكي يقتلوه. فَقَالَ لهم: ولِمَ تقتلوني؟.
قَالُوا: لترجع إلينا صحيحا، فإنّا نكره أن يكون فينا أعرج.