للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأَلَمُوت عَلَى عهد إلْكِيّا [١] مُحَمَّد، نزل إِلَى مَقْثَأَةٍ [٢] فِي شهر رمضان، فأكل منها، فأكلوا معه، واستمرّ أمرهم عَلَى ذَلِكَ.

وأوّل قدوم سِنان كَانَ إِلَى حلب، فذكر سعْد الدّين عبد الكريم، رسول الإسماعيليّة، قَالَ: حكى سِنان صاحب الدّعوة قَالَ: لمّا وردتُ الشّام اجتزتُ بحلب، فصلّيت العصر بمشهد عليّ بظاهر باب الْجِنان، وثَمَّ شيخ مُسِنّ، فسألته: من أَيْنَ يكون الشَّيْخ؟ قَالَ: من صبيان حلب.

وقَالَ الصّاحب كمال الدّين فِي «تاريخ حلب» [٣] : أخبرني شيخ أدرك سِنانًا أنّ سِنانًا كَانَ من أَهْل البصْرة، وكان يعلّم الصّبيان، وأَنَّهُ مرّ وَهُوَ طالع إِلَى الحصون عَلَى حمارٍ حين ولّاه إيّاها صاحب الأَلَمُوت، فمرّ بإقمِيناس [٤] ، فأراد أهلها أَخْذَ حماره، فبعد جَهْد تركوه، وبلغ من أمره ما بلغ. وكان يُظْهِر لهم التَّنَسُّك حَتَّى انقادوا لَهُ، فأحضرهم يوما وأوصاهم، وقَالَ: عليكم بالصّفاء بعضكم لبعض، ولا يمنعنّ أحدُكم أخاه شيئا هُوَ لَهُ. فنزلوا إِلَى جبل السُّمّاق وقالوا: قَدْ أمرنا بالصّفاء، وأن لا يمنع أحدُنا صاحبَه شيئا هُوَ لَهُ.

فأخذ هَذَا زوجَة هَذَا، وهذا بِنْت هَذَا سِفاحًا، وسمّوا أنفُسهم «الصُّفاة» .

فاستدعاهم سِنان إِلَى الحصون، وَقُتِلَ منهم مقتلة عظيمة.

قَالَ الصاحب كمال الدّين: وتمكّن فِي الحصون، وانقادوا لَهُ ما لَمْ ينقادوا لغيره، وتمكّن. وأخبرني عَلِيّ بْن الهوّاريّ أنّ الملك صلاح الدّين سيَّر إِلَيْهِ رسولا، وَفِي رسالته تهديد، فَقَالَ للرسول: سأريك الرجال الَّذِين ألقاه بهم. وأشار إِلَى جماعةٍ من أصحابه بأن يُلقوا أنفسهم من أعلى [٥] الحصن، فألقوا أنفسهم وهلكوا.

قَالَ: وبلغني أَنَّهُ أحلّ لهم وطء أمّهاتهم، وأخواتهم، وبناتهم، وأسقط


[١] الكيا: الرئيس.
[٢] مقثأة: الموضع الّذي يزرع فيه القثّاء.
[٣] في الجزء الضائع من «بغية الطلب في تاريخ حلب» .
[٤] في الأصل: «اقمناس» ، والتصحيح من (معجم البلدان) وقال: هي قرية كبيرة من أعمال حلب في جبل السّمّاق، أهلها إسماعيلية.
[٥] في الأصل: «أعلا» .