للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي سنة نيّفٍ وثمانين وردَ عليه من مصر قراغش التَّقَويّ، فتى تقيّ الدّين عُمَر ابن أخي السّلطان الملك النّاصر، والأمير شعبان، والقاضي عماد الدّين فِي جماعة، فأكرمهم وأقطعهم، حتّى أقطع رجلا من أَهْل إربل يُعرف بأحمد الحاجب مواضع، وأقطع شعبان بالأندلس قرى تغلّ فِي السّنة نحوا من تسعة آلاف دينار، سوى ما قرَّر لهم من الجامكيَّة [١] .

وأخبرني أبو العبّاس أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن مطرّف بمكَّة قال: قال لي أمير المؤمنين أبو يوسف: يا أَبَا الْعَبَّاس اشهد لي بين يدي اللَّه أنّي لا أقول بالعصمة، يعني عصمة ابن تومرت.

وقال لي، وقد استأذنته فِي فِعل: مَتَى نفتقر إِلَى وجود الْإِمَام؟ يا أَبَا العبّاس أَيْنَ الْإِمَام، أَيْنَ الْإِمَام؟

أخبرني أبو بَكْر بْن هانئ الجيّانيّ قال: لمّا رجع أمير المؤمنين من غزوته تلقّيناه، فسألني عن أحوال البلد وقُضاته ووُلاته، فلمّا فرغت من جوابه سألني: ما قرأتَ من العِلم؟ فقلت: قرأت تواليف الْإِمَام، أعني ابن تومرت، فنظر إليَّ نظرة المغضِب وقال: ما هكذا يقول الطّالب، إنّما حُكمك أنْ تقول: قرأتُ كتاب اللَّه، وقرأت شيئا من السُّنَّة، ثُمَّ بعد هَذَا قُلْ ما شئت [٢] .

وقال تاج الدّين عَبْد السّلام بْن حَمُّوَيْه الصُّوفيّ: دخلت مَرّاكُش فِي أيّام السّيّد الْإِمَام أَبِي يوسف يعقوب، ولقد كَانَت الدّولة بسيادته مجمّلة، والمحاسنُ والفضائل فِي أيّامه مكمّلة، يقصده العُلماء لفضله، والأغنياء لعدله، والفقراء لبذْله، والغُزاة لكثرة جهاده، والصلحاء والعامَّة لتكثير سواده وزيادة إمداده، والزُّهّاد لإرادته وحُسْن اعتقاده. كما قال فِيهِ بعض الشّعراء:

أهْلٌ لأن يُسْعَى إليه ويُرْتجي ... ويُزار من أقصى البلاد على الوجا


[١] المعجب ٣٦٥، ٣٦٦.
[٢] المعجب ٣٦٩.