للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولمّا بان تخليطه أخيرا رجع عَنْهُ أعيان أصحابنا الحنابلة، وأصحابه وأتباعه.

سمعت أَبَا بَكْر ابن نُقْطَة فِي غالب ظنّي يقول: كان ابن الجوزيّ يقول:

أخاف شخصين: أَبَا المظفَّر بْن حمْدي، وأبا القاسم بْن الفرّاء، فإنّهما كان لهما كلمة مسموعة.

وكان الشّيخ أبو إِسْحَاق العلثي يكاتبه ويُنكر عليه.

سمعت بعضهم ببغداد أنّه جاءه منه كتاب يذمّه فِيهِ، ويَعْتِب عليه ما يتكلّم به فِي السّنَّة.

قلت: وكلامه فِي السُّنَّة مضطرب، تراه فِي وقت سنّيّا، وفي وقت متجهّما محرّفا للنّصوص، والله يرحمه ويغفر له.

وقرأتُ بخطّ الحافظ ابن نُقْطَة قال: حَدَّثَنِي أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الْحَسَن الحاكم بواسط قال: لمّا انحدر الشّيخ أبو الفَرَج بْن الجوزيّ إِلَى واسط قرأ على أَبِي بَكْر بْن الباقِلّانيّ بكتاب «الإرشاد» لأجلِ ابنهِ، وقرأ معه ابنُه يوسُف.

وقال الموفَّق عَبْد اللّطيف: كان ابن الجوزيّ لطيف الصّورة، حُلْو الشّمائل، رخيم النّغمة، موزون الحركات والنّغمات، لذيذ المفاكَهَة، يحضر مجلسه مائة ألف أو يزيدون، لا يضيّع من زمانه شيئا، يكتب فِي اليوم أربعة كراريس، ويرتفع له كلّ سنةٍ من كتابته ما بين خمسين مجلّدا إِلَى ستّين.

وله فِي كلّ عَلمٍ مشاركة، لكنّه فِي التّفسير من الأعيان، وَفِي الحديث من الحفّاظ، وَفِي التّاريخ من المتوسّعين، ولديه فِقه كافٍ.

وأمّا السّجع الوعظي فَلَه فِيهِ مَلَكَة قويَّة، إنِ ارْتجلَ أجاد، وإن روَّى أبدع. وله فِي الطّبّ كتاب اللُّقَط، مجلّدان. وله تصانيف كثيرة.

وكان يُراعي حِفْظ صحتّه وتلطيف مزاجه، وما يفيد عقلَه قوة، وذهنَه