للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حِدَّة أكثر ممّا يُراعي قوَّة بدنه ونيل لذّته. جُلّ غذائه الفَرَاريج والمزورات، ويعتاض عن الفاكهة بالأشْربة والمعجونات، ولباسه أفضل لباس، الأبيض النّاعم المطيَّب.

ونشأ يتيما على العفاف والصَّلاح، وله ذِهنٌ وقّاد، وجوابٌ حاضر، ومُجُونٌ لطيف، ومُداعبات حُلْوة. وكانت سيرته فِي منزله المواظبةُ على القراءة والكتابة. ولا ينفكّ من جاريةٍ حسناء فِي أحسن زِيّ، لا تُلْهيه عمّا هُوَ فِيهِ، بل تُعينه عليه وتُقَوّيه.

وقرأت بخطّ الموقانيّ أنّ أبا الفرج كان قد شرب حَبّ البلاذُر- على ما قيل- فسقطت لحيتُه، فكانت قصيرة جدّا، وكان يَخْضِبها بالسّواد إِلَى أن مات.

ثُمَّ عظّمه وبالغ فِي وصفه، ثُمَّ قال: ومع هَذَا فهو كثير الغَلَط فيما يصنّفه، فإنّه كان يصنَّف الكتاب ولا يعتبره رحمه اللَّه وتجاوز عَنْهُ [١] .

٣٧٢- عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الكرم مُحَمَّد بْن أَبِي ياسر هبة اللَّه [٢] .

عُرِف بابن ملّاح الشّطّ.


[١] وقال القزويني: وكانت له جارية حظية عنده، فمرضت مرضا شديدا، فقال وهو على المنبر: يا إلهي يا إلهي ما لنا شيء إلّا هي قد رمتني بالدواهي والدواهي والدواهي. ونقل أنهم كتبوا على رقعة إليه وهو على المنبر: إن ها هنا امرأة بها داء الأبنة والعياذ باللَّه تعالى، فماذا تصنع بها؟ فقال:
يقولون ليلى في العراق مريضة ... فيا ليتني كنت الطبيب المداويا
(آثار البلاد ٣٢٠) وفي رحلة ابن جبير وصف رائع لمجلس وعظ ابن الجوزي لمن شاء أن يقف عليه بالتفصيل. (١٩٦- ٢٠٠) .
[٢] انظر عن (عبد الرحمن بن أبي الكرم) في: ذيل تاريخ بغداد لابن الدبيثي (باريس ٥٩٢٢) ورقة ١٢٦، والتكملة لوفيات النقلة ١/ ٣٨٠، ٣٨١ رقم ٥٨١، والعبر ٤/ ٢٩٨، والمختصر المحتاج إليه ٢/ ٢١٢، ٢١٣ رقم ٨٦٦، وسير أعلام النبلاء ٢١/ ٣١٠، ٣١١ رقم ١٦٥، والمعين في طبقات المحدّثين ١٨٣ رقم ١٩٥٣، وشذرات الذهب ٤/ ٣٣١.