للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعرف المسألة من النّحو معرفة جيّدة، فإذا قرأها من «الْجُزُولية» دار رأسه واشتغل فكره، واسم هذه المقدّمة «القانون» اعتنى بها جماعة من أذكياء النُّحاة وشرحوها.

قال القاضي شمس الدّين ابن خلِّكان [١] : بلغني أَنَّهُ كَانَ إذَا سُئل عَنْ هذه المقدّمة: أمِن تصنيفك هي؟ قَالَ: لا. وكان رجلا ورِعًا، فيقال: إنّها نتائج بحوثه عَلَى ابن برّيّ كَانَ يُعَلِّقها. ثُمَّ رجع إِلى المغرب، واشتغل مدَّةً بمدينة بِجاية، ورأيت جماعة من أصحابه. وتُوُفّي سنة عشرٍ بمراكش.

وقال أبو عَبْد الله الأبّار [٢] : لَهُ مجموع في العربية عَلَى «الْجُمَل» كثير الفائدة، متداوَل يُسمَّى بالقانون، وقد نُسِبَ إِلى غيره، أخذ عَنْهُ جِلَّة. وتُوُفّي بآزمور من ناحية مَرّاكُش سنةَ سبع وستّمائة، قاله أبو عبد الله ابن الضّرير.

قَالَ الأبّار: وقال غيره: سنةَ ستّ. وولي خطابة مَرّاكُش، وكان إماما في القراءات أيضا.

و «يللبخت» جدّه رجل بربريّ، وهو ابن عيسى ابن يُومارِيليّ.

وجُزُولة: بطن من البربر، وجيمها ممزوجة بالكاف.

وقرأت بخطّ مُحَمَّد بْن عَبْد الجليل المُوقانيّ: إنّه- أعني الْجُزُوليّ- قرأ أصولَ الدّين، وأنّه قاسي بمدَّة مقامه بمصر كثيرا من الفَقْر ولم يدخل مدرسة، وكان يخرج إِلى الضِّياع يؤمُّ بقومٍ، فيحصل ما ينفعه عَلَى غاية الضّيق. ورجع إِلى المغرب فقيرا مُدقعًا، فلمّا وصل إِلى المَرِية أو نحوها رهنَ كتاب ابن السّرّاج الّذي قرأه عَلَى ابن برّي وعليه خطّه، فأنهى المرتهن أمره إِلى الشيخ أَبِي العَبَّاس المَرِيّيّ، أحد الزُّهّاد بالمغرب وكان يُصاحب بني عَبْد المؤمن، فأنهى أَبُو العَبَّاس ذَلِكَ إِلى السّلطان، فأمر بإحضاره، وقدّمه وأحسنَ إِلَيْهِ، وجعله أحد مَن يحضر مجلسه. وصَنّف كتابا في شرح «أصول» ابن السّرّاج،


[١] وفيات ٣/ ٤٨٩- ٤٩٠.
[٢] في تكملة الصلة ٢/ رقم ١٩٣٢.