للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سَمِعْتُ عَبْد الله بْن أَبِي عُمَر، حَدَّثَني ابن الصُّوريّ، صديق والدي، قَالَ: جئنا يوما إِلى والدك ونحن جياع وكنّا ثلاثة، فأخرج لنا سكرجة فيها لبن، وسكرجة فيها عسل وكُسَيْرات، فأكلنا وشبعنا، فنظرت إِلَيْهِ كأنّه لم ينقص.

قلتُ لخالي أَبِي عُمَر: أشتهي أن تهبني جزءا بخطّك من الأجزاء الّتي سمعناها عَلَى أَبِي الفرج الثّقفيّ، فأرسل الأجزاء إليَّ، وقال لي: خذ لك منها جزءا، واترك الباقي عندك، فأخذت جزءا ورددتها، فبعدَ موته سألتُ عنها فَما وجدت بقي منها إلّا جزء أو جزءان، فندمتُ إذ لم أسمع منه.

سَمِعْتُ الإمام مُحَمَّد بْن عُمَر بْن أَبِي بَكْر يَقُولُ: دعاني الشيخ أَبُو عُمَر ليلة، وكنت أخاف من ضرر الأكل، فابتدأني وقال: إذَا قرأ الإنسان قبل الأكل شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ٣: ١٨ [١] ولِإِيلافِ قُرَيْشٍ ١٠٦: ١ [٢] ثُمَّ أكل فإنه لا يَضُرُّه.

وسمعت الإمام أبا بَكْر بْن أَحْمَد بْن عُمَر البغداديّ، قَالَ: جاء الشيخ أَبُو عُمَر فَقَالَ: تمضي معي إِلى كفربطْنا، وكنت مشتغلا بقراءة القرآن فقلت في نفسي: أمشي معه، فأشتغل عَنِ القراءة بالحديث في الطّريق. فلمّا خرجنا من البلد، قال: تعال أنا وأنت نقرأ حتّى لا نشغلك عَنِ القراءة.

سَمِعْتُ الإمام أبا بَكْر عَبْد اللَّهِ بْن الحَسَن بْن الحسن ابن النّحّاس يَقُولُ:

كَانَ والدي يحبّ الشيخ أبا عُمَر، فَقَالَ لي يوم جمعة: أَنَا أُصلّي الجمعة خلف الشيخ، ومذهبي أنّ «بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ١: ١» من الفاتحة، ومذهبه أنّها ليست من الفاتحة، وأخاف أن يكون في صلاتي نقص، فقلت لَهُ: اليوم قد ضاق الوقت، قال: فبعد هذا مضينا إِلى المسجد فوجدناه، فسَلّم عَلَى والدي وعانقه ثُمَّ قَالَ: يا أخي صلِّ وأنت طيّبُ القلب فإنّني ما تركت «بسم الله


[١] سورة آل عمران، الآية ١٨.
[٢] أول سورة قريش.