للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَدْرٌ، وَلَا خَيْرَ فِي الْغَدْرِ» ، قَالَ: فَأَخَذَنِي مَا قَرُبَ وَمَا بَعُدَ، وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَتَلْتُهُمْ وَأَنَا عَلَى دِينِ قَوْمِي، ثُمَّ أَسْلَمْتُ حَيْثُ دَخَلْتُ عَلَيْكَ السَّاعَةَ، قَالَ: «فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» . قَالَ: وَكَانَ قَدْ قَتَلَ ثَلَاثَةُ عَشَرَ نَفْسًا [١] ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَهْلَ الطَّائِفِ، فَتَدَاعَوْا لِلْقِتَالِ، ثُمَّ اصْطَلَحُوا، عَلَى أَنْ تَحَمَّلَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ ثَلَاثَ عَشْرَةَ دِيَةً.

قَالَ الْمُغِيرَةُ: وَأَقَمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَتِ الْحُدَيْبِيَةُ سَنَةَ سِتٍّ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ، وَكُنْتُ أَكُونُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ، وَأَلْزَمُ رسول الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فِيمَنْ يَلْزَمُهُ، فَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عُرْوَةَ بْنَ مَسْعُودٍ فِي الصُّلْحِ، فَأَتَاهُ فَكَلَّمَهُ، وَجَعَلَ يَمَسُّ لِحْيَتَهُ، وَأَنَا قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ مُقَنَّعٌ فِي الْحَدِيدِ، فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ: كُفَّ يَدَكَ قَبْلَ أَنْ لَا تَصِلَ إِلَيْكَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا يَا مُحَمَّدُ، فَمَا أَفَظَّهُ وَأَغْلَظَهُ؟! فَقَالَ: «هَذَا ابْنُ أَخِيكَ الْمُغِيرَةُ» ، فَقَالَ: يَا عَدُوَّ اللَّهِ مَا غَسَلْتُ عَنِّي سَوْأَتَكَ إِلَّا بِالْأَمْسِ [٢] .

رَوَى عَنْهُ: بَنُوهُ عُرْوَةُ، وَحَمْزَةٌ، وَعَفَّارٌ، وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَقَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَمَسْرُوقٌ، وَأَبُو وَائِلٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَزِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ، وَغَيْرُهُمْ.

وَرَوَى الشَّعْبِيُّ، عَنِ الْمُغِيرَةَ قَالَ: أَنَا آخِرَ النَّاسِ عَهْدًا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، لَمَّا دُفِنَ خَرَجَ عَلِيٌّ مِنَ الْقَبْرِ، فَأَلْقَيْتُ خَاتَمِي وَقُلْتُ: يَا أَبَا حَسَنٍ خَاتَمِي،


[١] هنا ينتهي النص الموجود في الطبقات لابن سعد ٤/ ٢٨٥، ٢٨٦، وانظر: المصنّف لعبد الرزاق- رقم (٩٦٧٨) .
وحديث: «إنّ الإسلام يجبّ ما قبله» حديث صحيح، أخرجه أحمد في المسند ٤/ ١٩٩ و ٢٠٤ و ٢٠٥، ومسلم في صحيحه (٢١) من حديث عمرو بن العاص.
[٢] الحديث بطوله في: الأغاني ١٦/ ٨٠- ٨٢، وتاريخ دمشق (مخطوط الظاهرية) ١٧/ ٣٥ أ- ٣٦ من طريق الواقدي، وبمعناه في صحيح البخاري، في الشروط ٥/ ٢٤٩ باب الشروط في الجهاد والمصالحة. وفي سيرة ابن هشام (بتحقيقنا) ٣/ ٢٦٠ أنّ عروة أراد بقوله: «وهل غسلت سوأتك إلّا بالأمس» أنّ المغيرة بن شعبة قبْل إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلًا من بني مالك، من ثقيف، فتهايج الحيّان من ثقيف: بنو مالك رَهط المقتولين، والأحلاف رَهط المُغيرة، فَوَدَى عُرْوَة المقتولين ثلاث عشرة دية، وأصلح ذلك الأمر. وانظر (المغازي) من:
تاريخ الإسلام- بتحقيقنا- ص ٣٧٦ و ٦٦٩.