للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: انْزِلْ فَخُذْهُ، قَالَ: فَنَزَلْتُ فَمَسَحْتُ يَدِي عَلَى الْكَفَنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ [١] .

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ عَلَى الْبَحْرَيْنِ، فَأَبْغَضُوهُ، فَعَزَلَهُ، فَخَافُوا أَنْ يَرُدَّهُ، فَقَالَ دِهْقَانُهُمْ [٢] : إِنْ فَعَلْتُمْ مَا آمُرُكُمْ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَيْنَا، قَالُوا: مُرْنَا، قَالَ: تَجْمَعُونَ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَذْهَبُ بِهَا إِلَى عُمَرَ فَأَقُولُ: هَذَا اخْتَانَ هَذَا الْمَالَ فَدَفَعَهُ إِلَيَّ [٣] ، فَجَمَعُوا لَهُ مِائَةَ أَلْفٍ وَأتي بِهَا عُمَرَ، فَدَعَا الْمُغِيرَةَ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: كَذِبٌ، أَصْلَحَكَ اللَّهُ إِنَّمَا كَانَتْ مِائَتَيْ أَلْفٍ، قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: الْعِيَالُ وَالْحَاجَةُ، فَقَالَ عُمَرُ لِلدِّهْقَانِ: مَا تَقُولُ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ لَأَصْدُقَنَّكَ: وَاللَّهِ مَا دَفَعَ إِلَيَّ شَيْئًا، وَقَصَّ لَهُ أَمْرَهُ [٤] .

قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْمُغِيرَةَ وَلِيَ الْبَصْرَةَ وَغَيْرَهَا لِعُمَرَ، وَكَانَ مِمَّنْ قَعَدَ عَنْ عَلِيٍّ وَمُعَاوِيَةَ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ: إِنَّ أَبَا بَكْرَةَ، وَشِبْلَ بْنَ مَعْبَدٍ، وَزِيَادًا، وَنَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ، سِوَى زِيَادٌ، أَنَّهُمْ رَأَوْهُ يُولِجُهُ وَيُخْرِجُهُ، يَعْنِي يَزْنِي بِامْرَأَةٍ، فَقَالَ عُمَرُ- وَأَشَارَ إِلَى زِيَادٍ-: إِنِّي أَرَى غُلَامًا لَسِنًا لَا يَقُولُ إِلَّا حَقًّا، وَلَمْ يَكُنْ لِيَكْتُمَنِي شَيْئًا، فَقَالَ زِيَادٌ: لَمْ أَرَ مَا قَالَ هَؤُلَاءِ، وَلَكِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رِيبَةً وَسَمِعْتُ نَفَسًا عَالِيًا، قَالَ: فَجَلَدَ عُمَرُ الثَّلَاثَةَ [٥] .

وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ يَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: غَضِبَ عَلَيْكَ اللَّهُ كَمَا غَضِبَ عُمَرُ عَلَى الْمُغِيرَةَ، عزله عن البصرة فولّاه الكوفة.


[١] رواه ابن إسحاق- وهو منقطع- في سيرة ابن هشام ٤/ ٣١٥، ٣١٦، وطبقات ابن سعد ٢/ ٣٠٢ و ٣٠٣، وأنساب الأشراف ١/ ٥٧٧، وفي السيرة النبويّة من تاريخ الإسلام- بتحقيقنا ٥٨٢.
[٢] الدّهقان: معرّب عن الفارسية «دهكان» ، وهو القويّ على التصرّف، وزعيم فلّاحي العجم.
وقيل إنّ أصل دهكان: ده خان أي رئيس القرية. وقالوا فيه: دهقن وتدهقن. (معجم الألفاظ الفارسية المعرّبة- السيد ادّي شير ص ٦٨) .
[٣] أي وديعة كما في: الإصابة.
[٤] تاريخ دمشق ١٧/ ٣٨ أ، الإصابة ٣/ ٤٥٣.
[٥] تاريخ دمشق ١٧/ ٣٨ ب. وانظر: الأغاني ١٦/ ٩٥ و ٩٨، والمستدرك ٣/ ٤٤٨، ٤٤٩.