للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرأ القرآن عَلَى الشيوخ، واشتغل. وسمع بواسط من نصر بن مُحَمَّد الْأديب، والعلاء بن عليّ السَّوادِيّ. وَسَمِعَ ببَغْدَاد من أَبِي زُرْعَة، وغيره. ولزم الكمال عَبْد الرَّحْمَن الْأنباريّ مُدَّة، وبرع في النَّحو، وصنَّف فيه، وأقرأه.

وتخرّجَ بِهِ جماعةٌ ببَغْدَاد.

وَلَهُ:

زارني والليلُ داجٍ بسحرْ ... وبلُطْفِ اللَّفْظِ للقلبِ سَحَرْ

رامَ يستخْفي مِنَ الواشي بِهِ ... فأتى ليلا، وهل يَخفى القمر؟

جسمهُ ماءٌ ولكنْ قلبه ... عندَ شكوايَ إِلَيْهِ مِنْ حجرْ

وقد ترجمه ابن النَّجَّار فأطنب ووصفه وبالغ، وذكر أَنَّهُ اشتغل عَلَيْهِ وانتفع بِهِ، وَأَنَّهُ كان يُكرر عَلَى درس كلّ يوم فيحفظه [١] .

وقرأ النّحو أَيْضًا عَلَى أبي محمد ابن الخَشَّاب. ودرّس النّحو بالنّظاميّة، وتَفَقَّه عَلَى مذهب أَبِي حنيفة، وَكَانَ حنبليا، وَقِيلَ: انتقل إلى مذهب الشَّافِعِيّ.

وفيه يَقُولُ المؤيّد أَبُو البركات ابن التّكريتيّ الشّاعر:

ومَنْ مُبلغٌ عنّي الوجيهَ رسالة ... وَإنْ كَانَ لَا تُجدي لدَيْهِ الرَّسائلُ

تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبل ... وذلك لما أعوزتك المآكلُ

وما اخترت رأي الشَّافِعِيّ ديانة ... ولكنَّما تهوى الذي هو حاصل

وعما قليل أنت لا شك صائر ... إلى مالك فافطن لما أَنَا قائلُ [٢]

قَالَ الدُّبَيْثِي [٣] : تخرَّجَ بالوجيه جماعة في النّحو. وكان يقول الشّعر. وكان


[١] نقل المؤلف- رحمه الله- في سير أعلام النبلاء ٢٢/ ٨٧، ٨٨، قسما من ترجمة ابن النجار ومنها قوله: «قرأت عليه كثيرا، وهو أول من فتح فمي بالعلم، لأن أمي أسلمتني إليه ولي عشر سنين، فكنت أقرأ عليه القرآن والفقه والنحو، وأطالع له ليلا ونهارا، وإذا مشى كنت آخذه بيده» .
[٢] الأبيات باختلاف بعض الألفاظ في: معجم الأدباء ١٧/ ٦٦، ٦٧، والكامل في التاريخ ١٢/ ٣١٢، وتاريخ ابن الدبيثي ١/ ١٣٧، والمختصر في أخبار البشر ٣/ ١١٦، ١١٧، وتاريخ ابن الوردي ٢/ ١٣٣، والعسجد المسبوك ٢/ ٣٥٢، ٣٥٣.
[٣] في تاريخه ١/ ١١٧.