وَقِيلَ: نجم الدِّين الكُبْرَيّ. وَهُوَ من خِيوَق، وَيُقَال: خِوَق: وهي من قرى خوارزم.
قال عمر ابن الحاجب: طافَ البلاد، وَسَمِعَ بها الحديث، واستوطن خُوَارِزْم، وصارَ شيخ تِلْكَ النَّاحية، وَكَانَ صاحبَ حديث وسُنَّة، وملجأ للغُرباء، عظيمَ الجاه لَا يخاف في اللَّه لومة لائم. سَمِعَ بالإسكندرية من أَبِي طاهر السِّلَفيّ، وبهمذان من الحَافِظ أَبِي العلاء، وَمُحَمَّد بن بُنَيْمان، وبنيسابور من أَبِي المعالي الفُرَاويّ.
رَوَى عَنْهُ: عَبْد العزيز بن هِلالة، وشَمْخ خطيب دارَيّا، وناصر بن منصور العُرْضيّ، وسيف الدِّين الباخَرْزيّ، تلميذُه، وآخرون.
وَقَالَ ابن نُقْطَة: هُوَ شافعيّ المذهب، إمام في السّنّة. وأثنى عليه.
وقال ابن هلالة: جلستُ عنده في الخلوة مرارا، فوجدتُ من بركته شيئا عظيما، وشاهدت في خلوتي عنده أمورا عجيبة. وَسَمِعْتُ من يخاطبني بأشياء حَسَنة [١] .
وَقَالَ آخر: كَانَ النّجم الكُبْرَى فقيها، شافعيا، زاهدا، عارفا، فسَّرَ القُرْآن العظيم في اثنى عشرة مُجَلَّدة. ودخل الشَّام ونزل بخانكاه القصر بحلب.
قُلْتُ: وَكَانَ شيخنا عماد الدِّين الحَزّامي يُعَظّمه، ولكن في الآخر أراني لَهُ كلاما فيه شيءٌ من لوازم الاتّحاد، وَهُوَ- إن شاء اللَّه- سالم من ذَلِكَ، فَإِنَّهُ محدِّث معروف بالسُّنَّة والتَّعبُّد، كبير الشأن. ومن مناقبه أَنَّهُ استشهد في سبيل اللَّه، وَذَلِكَ أَنَّ التَّتَار لَمَّا نزلت عَلَى خُوَارِزْم في ربيع الْأَوَّل من السنة، خرجَ فيمن خرج ومعه جماعة من مُريديه، فقاتلوا عَلَى باب خُوَارِزْم حتّى قتلوا مقبلين غير مدبرين.
[١] قال المؤلف- رحمه الله- في «سير أعلام النبلاء» ٢٢/ ١١٢ معلقا على قول ابن هلالة: «قلت: لا وجود لمن خاطبك في خلوتك مع جوعك المفرط، بل هو سماع كلام في الدّماغ الّذي قد طاش وفاش وبقي قرعة كما يتم للمبرسم والمعمور بالحمى والمجنون، فاجزم بهذا وعبد الله بالسّنن الثابتة تفلح!» .