للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجولُ بينَ الصُفوف، ويُشجعُ النّاسَ، ويحقر العدوَّ. وأصبح النّاسُ يوم السّبت على تعبئة تامَّةٍ، فسأل الأشرف المملوكَيْن عن موضع الخُوارزْميّ، قالا: هو على ذلك التّلِّ، وشَعْرُهُ في كيس أطلس، وعلى رأس كتفه بَرجمٌ صغير مخيَّط بقبائه، فَحَمَلَ طائفة من الخُوارزْميَّة على عسكر الروم، فثبتُوا، فتقدّم الأشرف إلى سابِق الدّين ومعه من عسكر مصر ألف وخمسمائة فارس، وإلى عسكر حمص وحلب وحماة، فانتقى ألف فارس، ونَدَبَ بعض أمراءِ العرب في ألف فارس من العرب، فحملوا على التَّلِّ الّذي عليه الخُوارزْميّ، فلمّا عاين الموتَ الأحمر مقبلا، انهزم، فلمّا رأى جيشُه فِراره انهزموا. وأمّا الذّين حملُوا على عسكر الرُّوم، فبقُوا في الوسط، فلم يَفْلِتْ منهم أحد. ثمّ إنَّ الخُوارزْميّين لِشدَّة رُعبهم لم يَقْدِروا على الهرب، ولم يهتدوا سَبيلًا، وأكثرُهم نزلوا عن خيولهم، وانجحروا في بطون الأَودية والبيوت الخَرِبة، فتحكَّم فيهم الفلَّاحون والغِلْمان، وقَتَلهُم أَضْعَفُ النَّاس. وانحرف منهم ثلاثةُ آلاف على بلاد جانيت، فخرج إليهم فلّاحو الرُّوم والنَّصارى فقتلوهم عن آخرهم. وفلّق الخُوارزْميّ عند هربه نحو مائتي حصان، ووصلَ خِلاط في سبعة أنفس، فأخذ حُرَمه وما خَفَّ من الأَموال، واجتاز على منازجرد [١] وكانت محصورة بوزيره، ووصل جائعا فأطعمه وزيرُهُ. ثمّ دخلَ أَذْرَبَيْجَان بالخِزْي والصِّغار، فصادر أهل خُوَيّ، ومات منهم جماعة تحتَ العُقوبة.

وأمّا الأَشرفُ فلو ساقَ بعسكره وراءهم لأتى عليه قتلا وأسرا. وتسلّم أرزن الرّوم، وسلّمها إلى علاء الدِّين كَيُقْباذ، فأخذ مُلكًا خيرا من جميعِ مملكته.

وأمّا صاحبُها ابن مغيث الدِّين ابن عمّ علاء الدِّين فإنَّه رُمِيَ بالخِذْلان، والتجأَ إلى كهفٍ حَتّى أخذوه أَخْذَ النِّساء. ثمّ نزلَ الأشرفُ على منازجرد، وصَمَّمَ على أن يدخلَ وراءَ الخُوارزْميّ، وأقَامَ شهورا، ثمّ تراسلا في الصّلح، فاصطلحا على ما يؤثر الملك الأشرف. فَرَجَع وَفَرَّقَ العسكر، وأمنت خلاط، وشرعت تعمر.


[١] وتكتب منازكرد، وملازكرد أيضا، وهي معروفة.