للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولد سنة ستّ وثلاثين وخمسمائة. وسَمِعَ من الشريف أَبِي الفُتُوح الخطيبِ، وأَبِي محمد بن رِفاعة، وابن العِرْقيّ، وأبي طاهِر السِّلَفيّ، وأبي البقاء عُمَرَ ابن المقدسيّ.

روى عنه عمر ابن الحاجب، وأبو الطّاهر ابن الأنماطيّ، والزَّكيُّ المُنذريّ، والفخر عليّ ابن البُخاريّ، وشرفُ القضاة محمد بن أحمد بن محمد بن الْجَبَّاب، والنَّجيبُ محمد بن أحمد بن محمد الهَمَذَانيّ، والشهابُ أحمد بن إسحاق الأبَرْقُوهيّ، وأحمد بن عبد الكريم الأَغْلَاقيّ، وطائفةٌ سواهم.

ذكره ابن الحاجب في «مُعْجمه» فقال: من بيت السُّؤْدُد، والكَرَم، والفضل، والتّقدُّم، ذو كِياسة ورئاسة، ولَهُ مِن الوقار والهيبة ما لم يُعْرَفْ لِغيره. وكان ذا حلم، وأناةٍ، وصَمْت، وَلِيَ من أمور المملكة ولاياتٍ أبان فيها عن أمانة ونزاهة، كثير اللّطف بالقريب والغريب. وأصلهم من القيروان. وتفرّد «بالسيرة» عن ابن رفاعة.

قال: وقد كنتُ سَمِعْتُ بدمشق من بعض الطَّلبة: أنّ في سماعٍ شيخنا- هذا- كلاما، فلمّا قَدِمْتُ مصر، بحثتُ عن سماعه، فوجدتُ أصلَ سماعه «بالسِّيرة» بيد القاضي فخرِ القُضاة ابن أخيه في عشر مجلّدات، وقد سَمِعَها على ابن رفاعة، وكَمُلَتْ في المحرَّم سَنةَ سِتٍّ وخمسين بقراءة يحيى بن عليّ القَيْسيّ. وتحت الطّبقة الأمرُ على ما ذُكِرَ وَوُصِفَ، وكتب عبدُ الله بن رِفاعة.

وأوقفتُ بعضَ أصحابنا الطّلبة على هذه النسخة، ونقلها إليَّ صاحبُنا الرفيع إسحاق بن المؤيِّد الهَمَذَانيّ، والنسخة موجودةٌ الآن، وإنّما رأيتُهم يقولون: ما وُجِدَ سماعُه «للغريبين» إلّا في بعض الأجزاء، وأنّه قال: جميعُ الكتاب سماعي، فكان الكلام في هذا دونَ غيره. وكان شيخنا- هذا- ثقة ثَبْتًا، عارفا بما سَمِعَ، لا يُنْسَبُ في ذلك إلى غرض.

قال: ورأيتُ خطَّ تقيّ الدِّين الأنماطيّ، وهُوَ يُثني على شيخنا- هذا- ثناء جميلا، ويَذْكُرُ من جملة مسموعاته «السيرة» على ابن رفاعة. وكان قد صارت «السيرة» على ذكرِ الشيخ بمنزلةِ الفاتحة يسابق القارئ إلى قراءتها.

وكان قيِّمًا بها وبمُشْكِلِها.