للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأثنيا عليه، فقال الزَّكيّ [١] : كَانَ مُؤثرًا للعلماء والصّالحين، كثيرَ البِرِّ بهم، والتفقّدِ لهم، لا يشغله ما هو فيه من كثرة الأشغال عن مجالستهم ومباحثتهم، وأنشأ مدرسة قُبالة دارِه بالقاهرة.

وقال أبو المُظَفَّر الجوزيّ [٢] : كَانَ الملكُ العادل قد نفاه، فلما مات قَدِمَ من آمِدَ بَطَلبٍ من السُّلطان الملك الكامل.

قال أبو شامة [٣] : وكان خليقا لِلوزارة لم يتولَّها بعدَه مثلُه، كَانَ متواضعا، يُسَلّم على النّاس وهُوَ راكب، ويُكرِمُ العلماءَ ويُدِرُّ عليهم، فمضى إلى مصر.

وقال القُّوصيّ: هُوَ الّذي كَانَ السببَ فيما وليتُه وأوليته فِي الدَّولة الأيوبيّة من الأنعام، وهُوَ الَّذِي أنشأني وأنساني الأوطانَ، ولقد أحسنَ إلى الفقهاء والعُلماء مُدَّة ولايته، وبنى مُصلَّى العيد بدمشق، وبَلَّط الجامع، وأنشأ الفَوَّارة، وعَمَّر جامع المِزَّة وجامع حَرَستا. ومَوْلِدُه بالدَّميرة سَنَة أربعين.

وكذا قال ابن الجوزيّ [٤] في مَوْلِدُه، وقول المُنذريّ أصحُّ، فإنَّه قال [٥] :

سمعتُه يقول: وُلدت في تاسع صفر سَنَة ثمانٍ وأربعين. قال: وتُوُفّي بمصر في ثامن شعبان.

وقال المُوفَّق عبد اللّطيف: هُوَ رجل طُوال، تامُّ القَصَب فَعْمُها، دُرِّيُّ اللَّون، مشرب بحُمرة، لَهُ طلاقَةُ مُحيَّا، وحلاوةُ لسان، وحُسْنُ هيئة، وصِحَةُ بِنْيَة، ذُو دهاء في هَوَجِ، وخبثٌ في طَيْشٍ مع رُعونةٍ مُفْرِطَةٍ، وحقد لا تخبُو نارُه، ينتقم ويظنّ أنَّه لم ينتقِم، فيعود ينتقم، لا يَنَامُ عن عدوّه، ولا يقبل منه معذرة ولا إنابة، ويجعل الرؤساء كلّهم أعداءَه، ولا يرضى لِعدوّه بدون الإهلاك، ولا تأخذُه في نقماته رَحْمَةٌ، ولا يتفكَّرُ في آخره.

وهُوَ مِن دَمِيرة- ضيعةٍ بديار مصر- واستولى على العادل ظاهرا وباطنا،


[١] في التكملة ٣/ ١٥٧.
[٢] في مرآة الزمان ج ٨ ق ٢/ ٥٩٨ في حوادث سنة ٦١٥ هـ-.
[٣] في ذيل الروضتين: ١٤٧.
[٤] لم نجد قوله.
[٥] في التكملة ٣/ ١٥٧.