للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صَدْري، وكنت أحبّ كتابةَ الحديث فلو كتبتُ النّهارَ كُلُّهُ لم أضجر، ورُبّما سَهرْتُ من أول اللّيل، فما أشعر إلّا بالصّباح. وأشارَ عليّ الحافظ عبد الغنيّ بالسَّفرِ معه إلى إصْبَهان، فاتّفق سفره وأنا مريض. ثمّ تُوُفّي أبي سَنَةَ خمسٍ وسبعين. ثمّ اشتغلتُ في مسائل الخِلاف على الشيخ أبي الفَتْح اشتغالًا جيّدا، وكنت إذ ذاك فقيرا ليس لي بُلْغَةٌ إلّا من الشيخ أبي الفَتْح- يعني ابن المَنِّيّ- واتّفق غلاءٌ كثير فأحسنَ إليَّ، ثمّ وقعَ المرضُ، فخاف عليَّ فجهّزني وأعطاني، واتّفقت أنا، وعليّ ابن الطّالبانيّ، ويحيى ابن الطَّبَّاخ، فترافقنا إلى المَوْصِل، ثمّ ذهبنا إلى مَرَاغَةَ في طلب علم الخِلاف، فاكتريتُ إلى حَرَّان وصبرَ عليَّ الْجَمَّالُ بالأُجرة إلى حَرَّان، وكنتُ أقترِضُ من التّجَار ما أتبلَّغُ به. ثمّ أقمتُ بحرَّان نحو سَنَة أقرأ على شمس الدّين ابن عَبْدوس كتاب «الهِداية» لأبي الخطّاب، ثمّ مضيتُ إلى دمشق، وتزوجتُ ببنت عَمِّي زينب بنت عبد الواحد، وأنفقَ عليّ عَمى، وساعدني الشيخ أبو عُمَر، فكنتُ في أرغد عَيْشٍ إلى أن سافرت إلى بغداد سَنَة تسعِ وسبعين ومعي أخي أبو بكر، وابن عمّي أحمد- يعني: الشمس البُخاريّ- وصُمنا رمضان، وسافرنا مع الحُجّاج، وجَهَّزَنا ابن عَبْدُوس بالكَرى والنّفقة، ولم تكن لي هِمَّةٌ إلّا عِلْمَ الخِلاف. فشرعتُ في الاشتغال على الشيخ أبي الفَتْح، وكان معيدُه الفخر إسماعيل الرَّقَّاء، ثمّ سافرتُ سَنَة ثلاثٍ وثمانين، وخلّفت ببغداد أخي، وابن عَمّي. فسافر ابن عمّي إلى بُخارى، ولحِقني أخي.

نقلت هذا كلّه من خطّ السيف ابن المجد.

وقد سَمِعَ البهاء بدمشق- قبل أن يرحلَ- من عبد الله بن الواحد المِكنَانيّ في سَنَةِ سبْعٍ وستّين، ومن القاضي كمال الدِّين محمد بْن عَبْد الله الشَّهرزوريِّ، ومُحَمَّد بن بَرَكة الصِّلْحِيِّ، وأبي الفَهْم عبد الرحمن بن أبي العَجَائز، وجماعة. وسَمِعَ ببغداد أيضا من أحمد بن مسعود الهاشميّ، وأحمد ابن أحمد بن حَمْدي العَدْل، وأبي بكر أحمد ابن النّاعم، وأحمد بن الحَسَن بن سلامة المِنْبِجِيّ، والحَسَن بن عليّ بن شيرويه، وسعدِ الله ابن الوادي [١] ،


[١] سعد اللَّه بْن نجا بْن مُحَمَّد بْن فهد، أبو صالح ابن الوادي، كان دلالا في الدور، وتوفي في ذي الحجة سنة ٥٧٤ كما في تاريخ ابن الدبيثي وغيره.