للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحَدَّث بدمشق، ومِصْرَ، والقُدس، وحَرَّان، وبغداد.

وصَنَّف تصانيف كثيرة في اللّغة، والطبِّ، والتاريخ، وغير ذلك.

وكان أحدَ الأذكياء المُتَضَلّعين من الآداب والطبّ وعلم الأَوائل، إلّا أنّ دعاويه أكثر من علومه.

ذكره الوزيرُ جمال الدِّين عليّ القِفْطي في «تاريخ النُّحاة» فقال [١] : المُوفَّق النَّحْويّ الطَّبيبُ المُلَقَّب بالمَطْحن. كَانَ يَدَّعى معرفةَ النَّحْو، واللّغة، وعلم الكلام، والعلوم القديمة، والطبّ. ودخل مصر وادّعى ما ادّعاه فمشى إليه الطّلبة، فقصّر فيما ادّعاه فجفَوْهُ. ثم نفقَ على شَابَّيْن بعَيدِي الخاطر يُعرفان بولديّ إسماعيل بن أبي الحَجّاج المَقْدِسيّ الكاتب، ونقلاه إليهما، وأخذا عنه.

وكان دَميمَ الخِلْقَة نحيلَها، قليل لحمِ الوجه. ولمّا رآه التّاجُ الكِنْديّ لقّبه بالمَطْحن.

قلت: وبالغ القِفْطيّ في الحَطِّ عليه، ويظهر على كلامه فيه الهَوَى، حَتّى قال: ومن أسوأ أوصافه قلةُ الغَيْرةِ.

وقال الدُّبَيْثيّ [٢] : غلبَ عليه عِلْم الطبِّ والأدب وبرعَ فيهما.

وقال ابن نُقْطَة [٣] : كَانَ حسنَ الخُلُق، جميلَ الأمر، عالما بالنّحْو والغريبين، ولَهُ يَدٌ في الطّبِّ. سَمِعَ «سُنن» ابن ماجة، و «مسند» الشافعيّ من أبي زُرْعَة. وسَمِعَ «صحيح» الإسماعيلي جميعه، و «المدخل» إليه من يحيى بن ثابت بسماعه من أبيه. وسَمِعَ الكثير من ابن البَطِّي، وأبي بكر بن النَّقُّور، وانتقل إلى الشام ومصر. وكان ينتقل من دمشق إلى حلب. ومرَّة سكنَ بأَرْزَنكان وغيرها.

وقال المُوفَّق: سَمِعْتُ الكثيرَ، وكنتُ في أثناء ذلك أتعلّم الخطّ، وأتحفّظ القرآن، و «الفصيح» ، و «المقامات» ، و «ديوان» المتنبّي، ومختصرا في


[١] في إنباه الرواة ٢/ ٩٣.
[٢] في تاريخه الورقة ١٦٣.
[٣] الموجود في المطبوع من (التقييد ٣٨٢، ٣٨٣) يختلف كثيرا عمّا هنا: «الشيخ الأديب الفاضل العالم، سمّعه أبوه في صغره الكثير. سَمِعَ سننَ ابْن ماجة من أَبِي زُرْعَة طاهر بن محمد بن طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي، ومسند الشافعيّ أيضا» .