للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتضمّن سيرته، «مقالة في الجوهر والعَرَض» ، «مقالة في النَّفْس» «مقالة في العَطَش» ، «مقالة في السَّقَنْقُور» ، «مقالة في الردّ على اليهود والنصارى» ، كتاب «الحكمة في العلم الإلهي» . وأشياء أكثر ممّا ذكرنا.

قلت: سافر المُوفَّق من حلب ليحجّ من الدَّرب العراقيّ، فدخلَ حَرَّان وحدَّث بها، وسافر، فمرِضَ ودخل بغدادَ مريضا، فتعوَّق عن الحجّ. ثم مات ببغداد في ثاني عشر المحرَّم وصَلَّى عليه شهاب الدِّين السُّهَرَوَرْدِيّ، ودُفِنَ بالوَرْدية.

وقد ذكره المُوفَّق أحمدُ بن أبي أُصيبعة فقال [١]- بعد أن وَصَفَهُ-: كَانَ يتردَّد إليه جماعةٌ من التَّلاميذ وغيرهم من الأَطبّاء للقراءة عليه، وكان كثيرَ الاشتغال لا يُخلي وقتا من أوقاته من النظر في الكتب والتَّصنيف. والّذي رأيتُه من خطه أشياءَ كثيرة جدّا. وكان بينَه وبينَ جَدِّي صُحْبَةٌ أكيدة بمصر. وكان أبي وعمّي يشتغلان عليه. واشتغل عليه عمِّي بكتب أرسطوطاليس. وكانَ قَلمُهُ أجودَ من لفظه. وكان يتنقَّص بالفضلاء الّذين في زمانه وكثير من المُتَقَدِّمين وخصوصا الرئيس ابن سينا. ثمّ ساق من سيرته ما ذكرته أنا، ثمّ قال: وقال موفّق الدِّين: إنّ مِن مشايخه وُلِدَ أمين الدَّولة ابن التلميذ وبالغَ في وصفه وكَرَمِه. وهذا تعصُّب، وإلّا فولدُ أمين الدَّولة لم يكن بهذه المثابة، ولا قريبا منها.

ثمّ قال المُوفَّق: دخلت الموصل، فأقمت بها سَنَةً في اشتغال متواصلِ ليلا ونهارا، وزعم أهلُها أنّهم لم يروا من أحدٍ قبلي ما رأوا منّي من سِعَةِ المحفوظ، وسُرْعَة الخاطر، وسكون الطائر. وسمعت الناس يهرجون في حديث السُّهَرَوَرْدِيّ المتفلسِف، ويعتقدون أنَّه قد فاقَ الأَوَّلِين والآخرين، فطلبت من الكمال ابن يونُس شيئا من تصانيفه- وكان يعتقد فيها- فوقعتُ على «التلويحات» و «اللّمحة» و «المعارج» فصادفتُ فيها ما يدلّ على جَهْل أهل الزَّمان، ووجدت لي تعاليقَ لا أرتضيها هي خيرٌ من كلام هذا الأَنْوَك [٢] . وفي أثناءِ كلامه يُثبت حروفا مقطّعة يُوهِمُ بها أنها أسرارا إلهية.


[١] في عيون الأنباء ٢/ ٢٠٢.
[٢] الأنوك: الأحمق.