للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَوَى عَنْهُ الدُّبيثيُّ وقال [١] : كَانَ لَهُ معرفةٌ حسنةٌ بالنّحْوِ واللّغةِ، وأنسَةٌ بالحديثِ، فقيها عَلَى مذهب مالك، وكان يَقُولُ: إنّه حَفِظَ «صحيحَ» مُسلْمِ جميعَه، وأنّه قرأه عَلَى بعض شيوخ المغرب من حفظه، ويدَّعي أشياءَ كثيرة.

قلتُ: كَانَ صاحبَ فنونٍ، وله يَدٌ طُولي فِي اللُّغة، ومعرفةٌ جيِّدة بالحديثِ عَلَى ضعْفِ فِيهِ.

قرأتُ بخَطِّ الضياء الحافظ: وفي ليلة الثلاثاء رابع عشر ربيع الأول تُوُفّي أَبُو الْخَطَّاب عُمَر بْن دِحْية. وكان يتسمّى بذي النسبين بين دحية والحُسين. لَقِيتُه بأصبهان، ولم أسمع منه شيئا، ولم يُعجبْني حالُه. وكان كثير الوقيعة في الأئمة.

وأخرني إِبْرَاهِيم السَّنْهُوريَّ بأصبهان: أَنَّهُ دخلَ المغربَ، وأنَّ مشايخَ المغربِ كَتَبُوا لَهُ جَرْحَه وتضعيفَه. وقد رأيتُ منه أنا غيرَ شيء ممَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.

قلتُ: بسببِه بنى السلطان الملكُ الكامل دارَ الحديث بالقاهرة، وجعلَه شيخها.

وقد سمع منه الإمام أبو عمرو ابن الصلاح «الموطّأ» سنة نيّف وستمائة، وأخبر به عن جماعة منهم: أَبُو عبد اللَّه بْن زَرْقون بإجازته من أَحْمَد بْن مُحَمَّد الخَوْلانيّ، وهو إسنادٌ مليحٌ عالٍ. ولكنْ قد أسندَه الضياءُ أعلى من هذا والعُهدة عَلَيْهِ. فقرأتُ بخطِّ الحافظِ عَلَم الدّين [٢] أَنَّهُ قرأ بخطِّ ابْن الصلاح- رحمه اللَّه- قالَ: سمعتُ «الموطأ» عَلَى الحافظ ابن دحية، وحدّثنا به بأسانيد كثيرة جدّا، وأقربُها ما حدّثه بِهِ الشيخانِ الفقيهانِ: أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بْن حُنين الكِنانيّ، والمحدّث أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن خليل القَيْسيّ قالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن فَرَج الطَّلَّاع، وأَبُو بكرٍ خازمُ بْن مُحَمَّد بْن خازم، قالا: حَدَّثَنَا يونُسُ بْن عَبْد اللَّه بْن مغيث بسنده.

قَالَ الذهبيُّ: أمّا القيسي فحدثَ بفاس ومَرَّاكِش، واستوطَنَ بلادَ العدوة


[١] في ذيل تاريخ مدينة السلام الورقة ١٩٤ (باريس ٥٩٢٢) .
[٢] هو صديقه ورفيقه علم الدين القاسم البرزالي المتوفى سنة ٧٣٩ هـ.