للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ ابن واصل [١] : حكى لي طبيبه قَالَ: أصابه لمّا دخل قلعة دمشق زكامٌ، فدخل الحمَّام، وصبَّ عَلَى رأسه ماء شديد الحرارة اتّباعا لقول مُحَمَّد بْن زكريّا الرازيّ في كتاب سمّاه «طبّ ساعة» قالَ: من أصابه زكام، فصبّ عَلَى رأسه ماء شديد الحرارة، انحلَّ زكامه لوقته. وهذا لا ينبغي أن يعمل عَلَى إطلاقه. قَالَ:

فانصَبَّ من دماغه مادةٌ إلى فم مَعِدَتِه فتورَّمت، وعَرضَتْ لَهُ حمّى شديدة، وأراد القَيْء، فنهاهُ الأطباء وقالوا: إن تقيَّأ هَلَكَ، فخالفهم وتقيّأ فهلك لوقته.

قالَ ابن واصل [٢] : وحكى لي الحكيم رَضِيَ الدّين قال: عرضت له خوانيق فانفقأت، وتقيّأ دما كثيرا ومدّة، وأراد القيء أيضا، فنهاه أَبِي موفّق الدّين إِبْرَاهِيم وأشار به بعض الأطبّاء، فتقيّأ، فانصَبَّتْ بقيَّةٌ المادّة إلى قصبَة الرئة، وسدَّتها فمات.

قَالَ ابنُ واصل [٣] : استَوْزَرَ فِي أوّل ملكه وزير ابنه صفيّ الدّين ابن شُكْر، فلمَّا مات لم يستَوْزرْ أحدا، بل كَانَ يباشر الأمور بنفسه. وكان مَلِكًا جليلا، مَهِيبًا، حازما سديد الآراء حَسَن التّدبير لممالِكه، عَفيفًا، حَليمًا، عُمِرَت فِي أيامه ديارُ مصر عِمارةً كبيرة. وكانت عنده مسائلُ غريبةٌ من الفقِه والنّحو يوردها، فمن أجاب، حَظِيَ عنده.

قَالَ المُنْذريُّ [٤] : تُوُفّي بدمشق فِي الحادي والعشرين من رجب.

قلتُ: دُفِنَ بالقلعة فِي تابوت، ثم نُقِلَ سنة سبعٍ وثلاثين إلى تُربة بنيت له إلى جانب السّميساطية، وفتح لها شباكٌ وبابٌ إلى الجامع الأُمَويّ. وخلَّف وَلَديْنِ: الملك العادل أَبَا بَكْر والملك الصالح أيوب، والصاحبة.

٣٦٥- مُحَمَّد بْن محمود [٥] بْن يحيى، أَبُو عليّ، البغداديّ.


[١] في مفرّج الكروب ٥/ ١٥٤.
[٢] المصدر نفسه.
[٣] مفرّج الكروب ٥/ ١٥٧.
[٤] في التكملة ٣/ ٤٨٥.
[٥] انظر عن (محمد بن محمود) في: التكملة لوفيات النقلة ٣/ ٤٦٦ رقم ٢٧٧٧.