للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم رَحَلَ إلى بغداد فِي حدودِ الثمانين، وسمع من: أبي الفتح عبيد الله ابن شاتيل، ونصر الله القزاز، وأبي العلاء مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن عقيل، وأبي الفَرَج مُحَمَّد بن أَحْمَد بن نَبهان، وعبد المُنْعم بنِ عبد الله ابن الفراويّ، وأبي العزّ محمد بن محمد ابن الخراسانيّ، وعبد الجبّار ابن الأعرابيّ، والحافظِ أَبِي بَكْر مُحَمَّد بن مُوسَى الحازميِّ، وعبد اللَّه بن أَحْمَد بن حَمْتيس السرَّاج، وعَبْد المُغيثِ بن زُهير، وخلقٍ كثيرٍ بعدهم ببغداد، والحجاز، ومصرَ، والمَوْصِل.

وقرأ ببغداد القراءات عَلَى جماعةٍ. وقرأ الفقهَ عَلَى أَبِي الحسين بن هبة الله ابن البُوقيّ. وعَلَّق الأصولَ والخِلافَ. وعُنيَ بالحديث ورجاله. وصنفَ «تاريخا» كبيرا لواسط، وصنَّفَ «تاريخا» ذيّل بِهِ عَلَى «الذّيل» لأبي سَعْد السمعانيّ [١] . وله شِعر جيّد.

وكان من المُعدَلين الأعيانِ ببغداد، وعُزِل من العدالةِ، والعَدَالةُ ببغداد منصبٌ كالقضَاء والفُتيا.

فذكَرَ ابنُ النجّار فِي ترجمته: أَنَّهُ وَلِيَ الإشرافَ عَلَى الوقف العام مدّة، ثم إنّه استعفى من الشهادة ضَجَرًا، فأُجيبَ، فانقطَع فِي منزله مُنعكِفًا عَلَى إقراءِ القرآنِ ورواية الحديثِ.

سُئِلَ عَنْهُ الحافظُ الضياءُ، فقال: هُوَ حافظ.

وقال ابن نُقْطَةَ: لَهُ معرفةٌ وحِفظُ.

وقال ابن النجّار: سكن بغداد، وحدّث ب «تاريخ واسط» وبتذييل «تاريخ بغداد» له، وب «معجمه» . وقلَّ أنْ يَجْمَع شيئا إلّا وأكثُره عَلَى ذهنِه. وله معرفةٌ تامَّةٌ بالأدبِ والشعر. وهو سَخيُّ بكتبِه وأصوله. صَحِبْتُه عدَّةَ سنينَ، فما رأيتُ منه إلّا الجميلَ والدِّيانة وحسنَ الطريقةِ.


[١] قال ابن المستوفي: ألّف كتابا مذيّلا على تاريخ أَبِي سَعْد عَبْد الكريم بن مُحَمَّد بْن السمعاني المذيّل على تاريخ بغداد الّذي ألّفه أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، وذكر فيه ما لم يذكره ابن السمعاني، ممن أغفله أو كان بعده، كذا حدّثني به.