قَالَ: هُوَ أحدُ الحُفَّاظِ المكثرين ما رأتْ عينايَ مثَله فِي حفظِ التواريخ والسِّير وأيامِ الناس- رحمه اللَّه-.
قلتُ: رَوَى عَنْهُ هُوَ، والشّرف أحمد ابن الْجَوْهريّ، وابن نُقْطةَ، والزكيُّ البِرْزاليُّ، وأَبُو الْحَسَن عَلِيّ بن مُحَمَّد الكازَرُونيُّ ثم البغداديّ، وعزُّ الدّين الفاروثيّ، وجمالُ الدّين أَبُو بَكْر الشَّريشيّ، وتاج الدّين أبو الحسن الغرّافيّ، وجماعةٌ سواهم.
وسَمِعَ منه من شيوخه أَحْمَد بن طارق الكَرْكيّ، وأَبُو طَالِب بن عَبْد السميع. وأجازَ للقاضي تقيِّ الدّين سُلَيْمَان، وغيره.
وقد وجدتُ سماعَه من القَزَّازِ فِي سنةِ ستّ وسبعين وخمسمائة فِي ربيع الأول بجزء الآدميّ وما معه من حديث الفتون.
ولابنِ الدُّبيثيّ ممّا رَوَاهُ عَنْهُ ابنُ النجّار فِي «تاريخه» وانقطَعتْ إجازتُه اليومَ.
قَالَ:
إذا اختارَ كُلُّ الناسِ فِي الدينِ مَذْهبًا ... وصوَّبهُ رأيا ودَقَّقَهُ فِعْلا
فإنِّي أرى عِلْمَ الحديثِ وأهْلَهُ ... أحَقَّ اتِّباعًا بَلْ أسَدَّهُمُ سُبْلا
لِتَرْكِهمُ فِيهِ القِياسَ وكَوْنِهمْ ... يَؤُمُّونَ ما قَالَ الرسولُ وما أمْلَى
أنشدَني أَبُو الْحَسَن عَلِيّ بن أَحْمَد الحُسينيّ، أنشدنا أَبُو عَبْد اللَّه الدُّبيثيُّ لنفسِه:
عِلْمُ الحديثِ فَضيلةٌ تحصيلها ... بالسّعي والتّطواف فِي الأمْصار
فإذا أرَدْنَ حُصُولَها بإجازةٍ ... فَقَدِ استَعَضْتَ الصُّفْرَ بالدّينارِ [١]
قَالَ ابن النجّار: أضرَّ ابن الدُبيثيّ بأخرة. وتُوُفّي فِي ثامن ربيع الآخر ببغداد، ولقد ماتَ عديم النظيرِ فِي فنه.
[١] انظر شعرا له في: تاريخ إربل ١/ ١٩٥، والحوادث الجامعة ٧١، ووفيات الأعيان ٤/ ٣٩٤، والمستفاد ١٣.