للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرَه أَبُو عَبْد اللَّه الدُّبيْثيُّ فقال [١] : أخذَ عن مشيخة بلده، ومال إلى الآداب، وكتبَ لبعض الوُلاةِ، ثم حَجَّ ولم يَرْجعْ، وسَمِعَ بتلك الدّيار. ورَوَى عن السِّلَفِيّ بالإجازَة العامة. وبَرَعَ فِي علم التّصوّف وله فِيهِ مصنّفات كثيرة. ولقيَه جماعةٌ من العلماء والمتعبّدين وأخذوا عَنْهُ.

وقالَ ابنُ نُقْطَة: سَكَنَ قونِيةَ ومَلَطْيَةَ مدّة. وله كلام وشعر غير أنّه لا يُعْجبُني شِعره.

قلت: كأنَّه يُشير إلى ما فِي شِعره من الاتحادِ وذِكْر الخَمْر والكنائسِ والملاح، كما أنشدنا أَبُو المعالي مُحَمَّد بن عليّ عن ابن العربيّ لنفسه:

بذي سَلَم والدَّيْرُ من حاضرِ الحِمى ... ظِبَاءُ تُرِيكُ الشَّمْسَ فِي صورةِ الدُّمي

فأرقُبُ أفْلاكًا وأخدُمُ بِيعةً ... وأحْرُسُ روضا بالربيع مُنَمنما

فوَقْتًا أُسمَّى راعيَ الظَّبْي بالفَلا ... ووَقتًا أُسمَّى رَاهبًا ومُنَجِّما

تَثَلَّثَ مَحْبُوبي وَقَدْ كَانَ واحدا ... كما صَيَّروا الأقنامَ بالذاتِ أقْنما

فلا تُنْكِرن يا صاحِ قولي غَزالةٌ ... تُضيءُ لغِزْلان يَطُفْنَ على الدّماء

فللظَّبْي أجيادا وللشمس أوجُهًا ... وللدُّمية البَيْضاءِ صَدرًا ومِعْصَما

كما قد أعرت للغصونِ ملابسا ... وللروضِ أخْلاقًا وللبرقِ مَبْسِما

ومن شِعره فِي الحقِّ تعالى:

ما ثَمَّ ستِرُ ولا حِجَابٌ ... بل كلُّه ظاهرٌ مُبيَّن

وله:

فما ثَمَّ إلا اللَّه ليسَ سواهُ ... فكُلُّ بصيرٍ بالوجدِ يَراهُ

وله:

لقد صارَ [٢] قَلْبي قابِلًا كُلَّ صُورةٍ ... فمرعى لغزلان ودير لرهبان [٣]


[١] في ذيل تاريخ مدينة السلام بغداد ٢/ ١٥٢، ١٥٣ (١٥/ ٥٨) .
[٢] في لسان الميزان ٥/ ٣١٣ «حار» وهو تصحيف.
[٣] في لسان الميزان «الرهباني» وهو غلط. (بإضافة أل التعريف) .