للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حولها. وظفر أصطول المسلمين بأصطولهم فغنموا جميع المراكب بمن فيها [١] .

واجتمع إلى الفرنسيس خمسمائة فارس من أبطال الفرنج وقعد فِي حوش [٢] المُنْيَة، وطلب الطّواشي رشيد، والأمير سيف الدّين القَيْمُرِيّ، فحضروا إِلَيْهِ، فطلب منهم الأمان عَلَى نفسه وعلى مَن معه، وأن لا يدخلوا بين السُّوقة والرُّعاع، فأجاباه وأمَّناه، وهرب باقي الفرنج عَلَى حميّة، وأحدق المسلمون بهم وبقوا جملة واحدة حملة وحملة حتّى أُبيدت الفرنج، ولم يبق منهم سوى فارسين رفسوا بخيولهم فِي البحر فغرِقوا [٣] ، وغنم المسلمون منهم ما لا يوصف، واستغنى خلق. وأُنزِل الفرنسيس فِي حرّاقة [٤] ، وأحدقت بِهِ مراكب المسلمين [٥] تُضْرَبُ فيها الكوسات [٦] والطُّبول، وفي البرّ الشرقيّ أطلاب العساكر سائِرة منصورة، والبرّ الغربيّ فِيهِ العربان والعوامّ فِي لَهْوٍ وسرور بهذا الفتح العظيم، والأسرى تُقاد فِي الحبال [٧] .

فذكر سعد الدّين فِي تاريخه أنّ الفرنسيس لو أراد أن ينجو بنفسه خلص عَلَى خيلٍ سَبَق أو فِي حُرّاقة، لكنّه أقام فِي السّاقة يحمي أصحابه، وكان في


[ () ] الخولي عبد الله، وهي إحدى قرى مركز فارسكور بمحافظة الدقهلية.
[١] جاء في الدر المطلوب ٣٧٨ أن عدّة المراكب اثنتان وخمسون مركبا، ثم أخذ المسلمون بعدها اثنين وثلاثين مركبا.
[٢] الحوش: حظيرة واسعة مسيّجة خلف جماعة من الدور لا يمرّ بها وتلقى فيها الأقذار وتجمّع فيها الإبل والحيوانات المريضة ويسكن الفقراء في أكواخ فيها. (تكملة المعاجم العربية ٣/ ٣٦٩) .
[٣] هكذا في الأصل، والمختار من تاريخ ابن الجزري ٢٢١ والمؤلّف- رحمه الله- ينقل عنه.
والصواب: «سوى فارسين رفسا بخيلهما في البحر فغرقا» .
[٤] الحرّاقة: نوع من السفن الحربية التي تستخدم لحمل الأسلحة النارية وبها مرام تلقى منها النيران على العدوّ. (المواعظ والاعتبار ٢/ ١٩٤، ١٩٥) .
[٥] نحو مائتي قطعة. كما في: المختار من تاريخ ابن الجزري ٢٢١.
[٦] الكوسات: صنوجات من نحاس شبه الترس الصغير يدق بأحدها ثم بالآخر بإيقاع مخصوص، وهي من رسوم الأمراء ويسمّون أصحاب العمائم والكوسات. (صبح الأعشى ٤/ ٩) .
[٧] حتى هنا في: المختار من تاريخ ابن الجزري ٢٢١.