للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْجَمْدار [١] ، الصّالحيّ، النّجميّ، الأمير الكبير، فارس الدّين التُركي، من كبار مماليك الملك الصالح. وكان شجاعا، جوادا كريما، نهّابا وهَابًا.

ذكر المولى شمسُ الدّين الْجَزري فِي «تاريخه» [٢] أنّه كان مملوكا للزّكيّ إِبْرَاهِيم الجزَري المعروف بالْجُبيلي، اشتراه بدمشق وربّاه، ثمّ باعه بألف دينار، فلمّا صار أميرا وأقطعوه الإسكندرية طلب من الملك النّاصر إطلاق أستاذه المذكور، وكان محبوسا بحمص، فأطلقه وأرسله إليه، فبالغ فِي إكرامه، وخلع عليه، وبعثه إلى الإسكندريّة، وأعطاه ألفَيْ دينار.

قلت: وكان طائشا، عاملا على السلطنة، وانضاف إليه البحريّة [٣] كالرّشيديّ ورُكْن الدّين بَيْبَرس البُنْدُقْداريّ الَّذِي صار سلطانا. وجرت له أمور ذكرنا منها فِي الحوادث. وسار مرّتين إلى الصّعيد فَظَلَم وعَسَف وقتل وتجبّر، وكان يركب فِي دست أيضا هو دَسْتِ السّلطنة ولا يلتفت إلى الملك المُعز أيْبَك ولا يعدّه، بل يدخل إلى الخزائن ويأخذ ما أراد. ثمّ إنّه تزوّج بابنة صاحب حماة، وبُعثت العروس فِي تجمُّل زائد، فطلب الفارس أقطايا القلعة من الملك المُعِز ليسكن فيها وصمّم على ذلك، فقالت أمّ خليل شجر الدّرّ لزوجها المعزّ: هذا ما يجيء منه خير. فتعاملا على قتله.

قال شمس الدّين الْجَزَري [٤] : فحدّثني عزّ الدّين أيْبَك أحد مماليك الفارس قال: طلع أستاذنا إلى القلعة على عادته ليأخذ أموالا للبحريّة، فقال له المُعِز: ما بقي فِي الخزائن شيء فامض بنا إليها لنعرضها. وكان قد رتّب له في


[ () ] ٥/ ٢٥٥، وتاريخ ابن سباط ٢/ ٣٦٥، وبدائع الزهور ج ١ ق ١/ ٢٩١، وتلخيص مجمع الآداب ٤ ق ٣/ ١١، ١٢ رقم ١٨٣٦، والمختصر في أخبار البشر ٢/ ١٩٩، ونهاية الأرب ٢٩/ ٤٢٩- ٤٣٢، والدليل الشافي ١/ ١٤٣ رقم ٥٠٤.
[١] الجمدار: لفظ فارسيّ مركّب، معناه المسئول عن غرفة الملابس أو المستحمّين، أصبح لقبا في العصر الأيوبي وما بعده لموظف من مرتبة أمراء الطبلخانات، اتصل عمله بالعناية بخزانة ملابس الملك أو السلطان، وإلباسه الثياب الخاصة بكل مناسبة. (معجم المصطلحات والألقاب التاريخية ١٢٦) .
[٢] في المختار من تاريخه ٢٣٨.
[٣] البحرية: جماعة من المماليك كانوا يبيتون بالقلعة حول دهاليز السلطان بهدف الحراسة، أول من رتّبهم وسمّاهم نجم الدين أيوب. (معجم المصطلحات ٦٩) .
[٤] في المختار من تاريخه ٢٣٦.