قال شيخنا: وحكى المَرَاغي أنّه اجتمع بالشّيخ المجد فأورد عليه نُكتة، فقال المجد: الجواب عَنْهَا من ستّين وجها، الأوّل كذا، والثّاني كذا، وسردها إلى آخرها. ثمّ قال للبرهان: قد رضينا منك بإعادة الأجوبة. فخضع وانبهر.
قال: وكان الشّيخ نجم الدّين ابن حمدان مع براعته فِي المذهب وتوسّعه فِيهِ يقول: كنت أطالع على الدّرس وما أبقي ممكنا، فإذا أصبحت وحضرتُ عند الشَّيْخ ينقل أشياء كثيرة لم أعرفها ولم أطلِع عليها.
قال شيخنا: وكان جدّنا عجبا فِي حِفْظ الأحاديث وسردها وحِفظ مذاهب النّاس وإيرادها بلا كُلْفة.
وحدّثني شيخنا أَبُو مُحَمَّد بن تيميّة أنّ جدّه ربّي بتَيْماء، وأنّه سافر مع ابن عمّه إلى العراق ليخدمه ويشتغل وله ثلاث عشرة سنة، فكان يبيت عنده فيسمعه يكرّر على مسائل الخلاف فيحفظ المسألة. فقال الفخر إِسْمَاعِيل: أيش حفظ هذا التّنّين، يعني الصّبيّ، فبدر وقال: حفظت يا سيّدي الدّرس. وعرضه فِي الحال. فبُهِتَ منه الفخر وقال لابن عمّه: هذا يجيء منه شيء، وحرّضه على الاشتغال. فشيخه فِي الخلاف الفخر إِسْمَاعِيل. وعرض عليه مصنّفه «جنّة النّاظر» . وكتب له عليه في سنة ستّ وستّمائة: عرض عليّ الفقيه الإِمَام العالِم أوحد الفُضلاء، أو مثل هذه العبارة، وأخرى نحوها، وهو ابن ستّة عشر.
وشيخه فِي الفرائض والعربيّة أَبُو البقاء العُكْبَري، وشيخه فِي القراءات عَبْد الواحد المذكور، وشيخه فِي الفِقه أَبُو بَكْر بن غنيمة صاحب ابن المَني.
وأقام ببغداد ستّ سِنين يشتغل، ثمّ قدِم حَرانَ واشتغل بها أيضا على الشَّيْخ الفخر.
ثمّ رحل إلى بغداد سنة بضع عشرة، فازداد بها من العلوم، وصنّف التّصانيف.
تُوُفي إلى رحمة [١] الله فِي يوم عَيْد الفِطْر بحَران.
٧٥- عَبْد العزيز بن أَبِي بَكْر بن عليّ بن نجا بن أَبِي القاسم.
عزّ الدّين، أَبُو محمد بن الميلق الإسكندرانيّ، الكاتب.