للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدينُ ما قال الرَّسُول وصَحْبُهُ ... والتابعونَ ومن مناهجهم قفا [١]

وقال عُمَر بن الحاجب: سَأَلت الحافظ ابن عبد الواحد عن المُرْسِي فقال: فقيهٌ، مناظِر نحويّ، من أهل السّنّة، صحِبَنَا فِي الرّحلة، وما رأينا منه إلّا خيرا.

وقال أَبُو شامة [٢] : كان متقنا، محقّق البحْث، كثير الحجّ، مقتصِدًا فِي أموره، كثيرا للكتب مُعْتنيًا بالتّفتيش عَنْهَا محصّلا لها. وكان قد أعطِيَ قبولا فِي البلاد.

وقال الشّريف: تُوُفي فِي منتصف ربيع الأوّل بعريش مصر فيما بينه وبين الزعْقَة وهو متوجّه إلى دمشق، ودُفِن ليومه بتلّ الزّعقة.

وكان من أعيان العلماء وأئمّة الفُضَلاء، ذا معارف متعدّدة، بارعا فِي عِلم العربيّة وتفسير القرآن، وله مصنّفات مفيدة، ونظم حَسَن. وهو مع ذلك متزهّد، تارِك للرّئاسة، حَسَن الطّريقة، قليل المخالطة للنّاس. تأخّر من أصحابه أيّوب الكحّال ويوسف الخَتَني. وترك كُتُبًا عظيمة.

قرأت بخطّ العلاء الكِنْدي إنّ كُتُب المُرْسِي كانت مُودَعَة بدمشق، فرسم السُّلطان بَبْيعها، فكانوا فِي كلّ ثلاثاء يحملون منها جملة إلى دار السّعادة لأجل البادرّائيّ، ويحضر العُلماء، فاشترى البادرّائيّ منها جُملة كثيرة، وبيعت فِي نحو من سنة.

وكان فيها نفائس، وأحرزت كُتُبُه ثمنا عظيما، وصنّف تفسيرا كبيرا لم يُتمه، والله أعلم [٣] .


[١] الأبيات في: معجم الأدباء ١٨/ ٢١٢، والمستفاد ١٨، والمقفّى الكبير ٦/ ١٢٣.
[٢] في ذيل الروضتين ١٩٥، ١٩٦.
[٣] وقال ياقوت الحموي: أبو عبد الله المرسي السلمي، شرف الدين، الأديب، النحويّ، المفسّر المحدّث الفقيه، أحد أدباء عصرنا، أخذ من النحو والشعر بأوفر نصيب، وضرب فيه بالسهم المصيب، وخرّج التخاريج، وتكلّم على «المفصّل» للزمخشري، وأخذ عليه عدّة مواضع بلغني أنها سبعون موضعا أقام على خطئها البرهان، واستدلّ على سقمها ببيان. وله عدّة تصانيف. خرج من بلاد المغرب سنة سبع وستمائة، ودخل مصر وسار إلى الحجاز مع قافلة الحجّاج إلى بغداد، وأقام بها يسمع ويقرأ الفقه والخلاف والأصلين بالنظاميّة، ورحل إلى خراسان، ووصل إلى مرو الشاهجان، وسمع بنيسابور وهراة ومرو، ولقي المشايخ وعاد