للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ إنّ ابن العَلْقَمِيّ عمل عَلَى أن لَا يخطب بالجوامع، ولا يصلّي الجماعة، وأن يبني مدرسة عَلَى مذهب الشّيعة ولم يحصل أملُه، وفُتحت الجوامع، وأقيمت الجماعات.

وحدّثني أَبِي فخر الدّين قَالَ: كَانَ قد مشى حال الخليفة بأن يكون للتّتار نصف دخل البلاد، وَمَا بقي شيء أن يتمّ ذَلِكَ، وإنّما الوزير ابن العَلْقَمِيّ قَالَ:

ما هذا مصلحة، والمصلحة قتله، وإلّا ما يتمّ ملك العراق.

قلت: تُوُفّي الخليفة فِي أواخر المحرَّم أوْ فِي صَفَر، وَمَا أظنّه دفن، فإنّا للَّه وإنّا إِليْهِ راجعون. وكان الأمر أعظم مِنْ أن يوجد مؤرّخٌ لموته، أوْ مُوارٍ لجسده. وراح تحت السّيف أممٌ لَا يحصيهم إلّا الله، فيقال إنّهم أكثر مِنْ ألف ألف، واستَغْنَتِ التّتار إلى الأبد، وسبوا مِن النّساء والولدان ما ضاق بِهِ الفضاء. وقد بيّنّا ذَلِكَ فِي الحوادث.

وقتلوا الخليفة خَنْقًا، وقيل: غمّوه فِي بساطٍ حتّى مات. والأشهر أَنَّهُ رُفِس حتّى خرجتْ روحه.

وحكى جمال الدّين ابن رطِلين، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: أخذوا الخليفة ليقتلوه، وكان معه خادم يقال لَهُ قُرُنْفُل، فألقى عَلَيْهِ نفسه يَقِيه مِن القتل، فقتلوا الخادم، وعادوا إلى رفْس الخليفة حتّى مات. وكانوا يسمّونه: الأَبْلَه.

وحدّثني شيخنا ابن الدّباهيّ قَالَ: لمّا بقي بين التّتار وبين بغداد يومان [١] أعلِم الخليفة حينئذٍ فقال: عَدْلان يروحان يُبْصران إنْ كَانَ هذا الخبر صحيح.

ثُمَّ طلب والدي، فحضر إلى بين يديه وطلب منه الرأيَ: وقال: كيف نعمل؟

فصاح والدي وقال: فات الأمر كنتم صبرتم زاده.

وفي «تاريخ» الظّهير الكازرونيّ [٢] أنّ المستعصم دخل بغداد بعد أن خرج إلى هولاكو، فأخرج لهم الأموال، ثُمَّ خرج فِي رابع عشر صفر. قيل: جعل في غرارة ورُفِس إلى أن مات. ثُمَّ دفن وعُفِي أَثرُه. وقد بلغ ستّا وأربعين سنة وأربعة أشهر.


[١] في الأصل: «يومين» .
[٢] مختصر التاريخ ٢٧٣، ٢٧٤.